السبيل - محمد الصعيدي
المراقبون بدؤوا بتخمين عدد الأحزاب الأردنية التي ستبقى على الساحة في حال أقر البرلمان مشروع القانون الحكومي للأحزاب الذي رأى النور الأسبوع الماضي، ورغم ما اعتبره البعض «مغريات» لتأسيس الأحزاب وتوسيع قواعد المشاركة فيها للحصول على التمويل الرسمي المنشود، رأى آخرون فيه محاولة حكومية لمحاصرتها.
المفارقة أن يتوحد أكبر أحزاب المعارضة ونظيره المقرب من الحكومة في انتقاد المشروع والتقليل من انعكاساته الإيجابية على الحياة الحزبية، ورغم استسهال حزب جبهة العمل الإسلامي والوطني الدستوري تلبية شروط القانون في عدد المؤسسين ونسب الشباب والنساء في الهيئة العامة وغيرها، فإن أحدها توعد «بحملة» على المشروع للإطاحة به وحشد النواب ضده.
أمين عام الحزب الوطني الدستوري أحمد الشناق انتقد الحكومة لعدم تقديمها للقوانين «المتعلقة بالاصلاح السياسي والحريات مثل قانون الانتخاب والأحزاب والاجتماعات العامة وحتى الإعلام كحزمة واحدة».
ويعزو الشناق عدم قيام الحكومة بهذه الخطوة إلى أنها «ليست حكومة اصلاح وطني ولأن وزراءها مجرد موظفين»، داعيا إلى عقد «حوار وطني تشارك فيه كل الأطياف والأحزاب للتفاهم حول القضايا المطروحة.. وللخروج بتصورات لهذه القوانين.فلا يجوز أن يعدها موظفون».
ورغم اقرار القانون المقترح دعم كل حزب تتوافر فيه جملة من الشروط بـ (10) آلاف دينار سنويا على الأقل، فإن الشناق استبعد كفاية هذا الدعم لحزب «من المفترض أن يعمل كحكومة ظل ويعد برامج اقتصادية واجتماعية ويسعى للوصول الى سدة السلطة التنفيذية».
ووجد الشناق تناقضا بين دعوات اشراك الشباب في الهيئات العامة وربط زيادة الدعم المالي للأحزاب بزيادة عددهم في الهيئات الحزبية المنتخبة، وأضاف: «طلبة الجامعات، وهم الشباب الذين يقل عمرهم عن 27 سنة، والذين لا يستطيعون توفير الاشتراكات كما لا يمكنهم الترشح الى البرلمان، فلماذا يبادرون في التسجيل في هذه الأحزاب؟».
وتنص المادة الثالثة من نظام الدعم المالي للأحزاب المقترح على أن لا يقل عدد المسجلين المسددين لاشتراكاتهم في الحزب عن ألف عضو من الهيئة العامة حتى يتقاض الحزب الدعم الحكومي، وأن لا تقل نسبة الإناث في الهيئة العامة وفي الهيئات المنتخبة عن 10%، وكذلك أن لا تقل نسبة الشباب عن النسبة والهيئات ذاتها.
وانتهى الشناق للقول ان حزبه سيسعى للقاء قوى وطنية والوصول إلى مجلس النواب «لرد القانون فهو لا يعبر عن الرؤية الاصلاحية الملكية».
أما النائب الأول لأمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي جميل أبو بكر فاعتبر أن القانون «غفل عن قضايا أساسية في حين تدخل في خصوصيات الحزب»، كما وجد فيها «مداخل لمنع أي حزب من الاستناد إلى رؤية فكرية أو عقدية في تأسيسه..ما يشتم منه منع تأسيس احزاب إسلامية».
وتنص الفقرة (ب) من المادة الثالثة من القانون المقترح على أنه «يجوز لاي حزب أن يستند إلى أو يؤسس على أساس طبقي او طائفي أو عرقي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس التفرقة بسبب الجنس او الأصل أو الدين أو العرق».
وفي ظل «كثرة القضايا المرتبطة مع وزارة التنمية السياسية فإن الحزب يبدو أشبه بالقسم التابع بالوزارة»، وأضاف أبو بكر أن «الإشراف» الحكومي على الأحزاب في العديد من القضايا «يمسخ شخصية الحزب ليصبح بلا فاعلية».
مشروع القانون دعا الأحزاب للالتزام بعقد مؤتمر سنوي عام بحضور «مندوب الوزارة» للنظر في جدول أعماله بما في ذلك إقرار موازنته السنوية والنظر في حساباته الختامية والمصادقة عليها. لكن المادة التي تحظر على الحزب «التدخل» في شؤون الدول والجهات غير الأردنية يثير مخاوف جديدة لدى أبو بكر حيث يعني منع الأحزاب من التعبير عن وجهة نظرها في القضايا القومية والإسلامية على حد تعبيره متسائلا: «هل يريدون منا تبني وجهة النظر الحكومية».
وأبدى أمين عام الحزب الشيوعي الأردني منير حمارنة المعارضة ذاتها للمشروع الذي وجد فيه «تراجعا عن كل ما يسمى بالتنمية السياسية وعودة إلى السلوك العرفي»، كما اعتبر تحديد عدد أعضاء الهيئة التأسيسية للحزب «تعارضا مع الدستور الذي يبيح للأردنيين حق التنظيم».
وبينما يطالب القانون الأحزاب بتقديم ميزانيات سنوية للوزارة واطلاعها على المسددين للرسوم، فقد اعتبر «باطن هذه الخطوة وضع اليد على الأعضاء القادرين على دعم الحزب وتسديد اشتراكاتهم».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق