اخر عدد | الحوار المتمدن

٧ آذار ٢٠٠٦

"The course of a true love never runs strait"

ما بعرف لمين هالعبارة بالأصل.. أنا قرأتها على غلاف تقرير مالي لشركة ما بهدف تقييم سعر سهمها في البورصة. كان يعاني وقتها سوق نيويورك المالي من ما يسمى بـ"حركة تصحيح." ويوم امس خرج اعداد من مساهمي ومضاربي سوق عمّان المالي في تظاهرة احتجاجية. بالطبع المقارنة عبثية من الناحية الكمية، المهم انني احب أن اطمئن المضاربين الصغار في الأردن ان اعتصامهم لن يلقى آذان صاغية بل ضاحكة بشكل هستيري لأصحاب المحافظ الكبيرة الذين يتحكموا في السوق. احد الماليين الكبار الأميريكان ولعله من عائلة مورغان قال يوما ما يشبه التالي: "عندما صار من يلمع حذائي يعطيني إشارات عن الشركات التي يجب أن اشتري اسهمها تأكدت عندها أن على أن اسحب أموالي من السوق المالي."
ما الذي حصل؟
توفر سيولة عالية نتيجة ارتفاع اسعار النفط، هذا المد رفع كل القوارب في المنطقة. فبحسب بنك التصفية الدولية استلمت الدول المصدرة للنفط منذ عام 1998 ولغاية الآن نحو 1.3 ترليون دولار - عدد الثواني من فجر الحضارة الفرعونية للآن نحو 10% من 1 ترليون، ما علينا - والسيولة الإضافية التي جرى ضخها في دول الخليج بحسب بنك HSBC بلغت نحو 300 بليون دولار منذ عام 2002. مبالغ ضحمة سددت السعودية على سبيل المثال نحو 100 بليون دولار من الديون المستحقة عليها، وراكمت المزيد من السيولة. ه
وكون ليس ثمة هناك خطة تنمية اقتصادية اوتصنيعية تأخذ بالإعتبار المنطقة ككل سوى التسليم بالنموذج النيوليبرالي والتي أخذت دول الخليج تهيكل اقتصاداتها وثرواتها النفطية على اساسه. فإن احد المجالات التي يندفع لها اصحاب البنوك والمؤسسات المالية العالمية التي فتحت لها اسواق المنطقة بدون رقابة على حركة رأسالمال وتوظيفاته. ورؤوس الآمول العالمية وبالذات البنوك منها تتجه كالماء في الآنابيب المستطرقة نحو الأسواق ذات السيولة العالية، فعندما تتوفر سيولة عالية في سوق معينة فهذا يعني وجود نسبة عالية من الباعة والمشترين الجاهزين للتبادل وتوفر قدرة شرائية عالية. وهكذا تنطلق المضاربات على المال والعقار وعلى سائر الأدوات المالية. وأخذت الأسواق المالية في مصر ودبي والسعودية بالإرتفاع بشكل هستيري حيث وصلت إلى 1100% و630% و600% على الترتيب منذ عام 2002. أي بحسبة بسيطة اذا استثمرت 1000 دولار في سوق دبي المالي على سبيل المثال بداية عام 2002 فإن هناك فرصة أن هذا المبلغ صار الآن في حدود 6000 دولار!
وإنته قاعد على جنبك.
الإرقام التي تخرج من المنطقة ليس لها ما يبررها غير السيولة المالية والبنوك العالمية التي تدافعت لهذه الأسواق للحصيدة. دخلت في راساميلها الضخمة الهاربة من خراب فقاعة الإنترنت وفضائح الفساد في ادارة المؤسسات والشركات الأميريكية لتبحث عن ضحية جديدة في الأسواق المالية لمنطقة الخليج التي دخلت وهمها القاتل في سعيها لمنافسة المراكز المالية العالمية بدون ارضية اقتصادية تصنيعية اوقدرة سياسية لحماية وإدامة استثماراتها. إن اليابان نفسها دخلت هذا الوهم في الثمانينات وانتهت بفترة ركود وانحسار لاتزال تعاني منها للآن، لكنها اليابان بصناعاتها الضخمة ذات التقنية العالية واقتصادها المحمي وليس دولا العربية التي باتت ضحية النموذج النيوليبرالي مع إنعدام وجود اقتصادي تصنيعي تقني ومتطور يستوعب جل القوي العاملة. مما يعزز أن الإنهيار القادم سوف تكون عواقبه وخيمة إذا ما استمرت الحالة كما هي الآن.ه
عودة للأردن، كما اسلفنا تأثر الأردن بهذا المدّ. ووصلت رسملة السوق المالي نحو 26 بليون دولار أي نحو 3 اضعاف الناتج القومي الأجمالي أو ما يزيد عن 6 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. وهي نسبة خطيرة بكل المقاييس.
بيمنا يعتبر النفط ومدخولاته هو الحافز الإستثماري الأساس إلا أن المستثمر الأساس في الأردن هو صندوق الضمان الإجتماعي. إن أي إنهيار فعلي للسوق المالي والإنهيار الحالي مثال أولي لما قد يحدث، مثل هذا الإن من المحتمل أن يودي ليس فقط بتحويشة صغار المساهمين بل وبكل نظام التقاعد الأردني إن لم يكن اكثر من ذلك.
لقد كان وما زال السوق المالي وسيلة بالأساس للملمة تحويشات صغار المساهمين وفي أحسن الأحوال ركوبها من قبل المساهمين الكبار. فهؤلاء الأخيرين الذين يملكون أكبر بلوك من الأسهم في الشركات المعنية والتي ليس بالضرورة أن تكون اعلى من ال 50% من الأسهم، بل قد تكون أقل بكثير ما يهم هو مدى تشذر البلوكات الآخرى والذي يسمح للمساهم مع الحصة الآكبر أن يحتكر القرار فيما يخص السياسة الأقتصادية والخيارات الإستثمارية والمالية للشركات المعنية، ويكون له ايضا معرفة أولية ومسبقة بهذه السياسات عن ذاك المستثمر البسيط الذي خرج من بيته للسوق المالي متفاءلا مستبشرا متوكلا لامتعقل! المهم هذه القوة والإحتكار للمعرفة تعطيه افضلية في التعامل مع السوق وتجنب خضاته بل حتى الإستفادة من مثل هذه الخضّات.
وهكذا تتحول السوق المالي من معقد أمل المستثمر الصغير بالتخلص من الفقر بضربة واحدة وللأبد إلى أنشوطة تعتصر ما جمعه طيلة حياته من مال وآمال وقلما يعلم وهي تطوح فيه في أي زاوية سترميه.
ابعاد تهاوي بورصة عمان وحيثيات هذا التأرجح بحاجة لوقت حتى تتضح وتتبلور تداعياتها. إنما على ما يبدو فإن الحكومة الأردنية لن تتحرك لتحمي صغار المستثمرين، بل إن أول الأستنتاجات التي بات يروج لها اصحاب الأقلام تربط ما حصل بنية - بنية الحكومة شوف النوايا - أن ترفع سقف شروط التداول ورسومها - هي لم تفعل ذلك - الحكومة لن تتدخل على نحو سافر في المستقبل القريب لآن ما حصل يخدمها مرحليا، فهي بحاجة للسيولة وانهيار السوق سوف يدفع بعض البنوك لتخزين نقودهم في محافظ آمنة مع البنك المركزي الذي سوف لن يكون مضطرا لدفع فوائد اعلى، بمعنى سوف يخفف الضغط على ميزانية الدولة ومديونيتها الداخلية.
المستثمرين الكبار الذين باعوا بالعالي يمكن بكم كبسة على الكمبيوتر ان ينقلوا محافظهم للأسواق المجاورة اوالعالمية، وهذا يشكل أحد التصريفات التي تضاعف في خطورة المساهمة في السوق الأردنية، فكما هي مفتوحة للداخل بدون تعقل فهي مفتوحة للخارج بدون ضوابط فعلية تتحكم بحركة رأسالمال وتفرض ضريبة عليه. فقد بلغ حجم التداول في السوق المالي عام 2005 نحو 19.6 مليار دينار وبفرض ضريبة بمقدار 1 بالألف فإن هذا سيحقق عائد مقداره 19.6 مليون دينار، مش عاطلات إذا حسبنا ضريية الدخل وغيره. كذلك ضريبة إضافية على حركة الرساميل من وإلى الأردن..
البقية تتبع، بأنتظار ملاحظاتكم وسماع تجاربكم الشخصية

هناك تعليقان (٢):

غير معرف يقول...

Interesting site. Useful information. Bookmarked.
»

غير معرف يقول...

Very pretty site! Keep working. thnx!
»