اخر عدد | الحوار المتمدن

٧ تموز ٢٠٠٥

نصا محاضرة ومرافعة الدكتور رياض النوايسة

شؤون أردنية تنشر نص مرافعة الدكتور رياض النوايسة وكلمته التي حوكم على أساسها بتهمة إطالة اللسان التي برأته محكمة أمن الدولة منها مؤخرا، مع مقدمة من الناشط في حقوق الإنسان الدكتور هشام بستاني. يذكر أن محكمة أمن الدولة جهاز قضائي مُحدث غير معترف به دولياً وقراراته لا تقبل النقض. ننشرها تضامناً مع حقه في التعبير عن رأيه
==========================
في 9/1/2005، القى الدكتور رياض النوايسة كلمة في مهرجان: "الفلوجة، منارة الصمود والتحدي" الذي اقيم في مجمع النقابات المهنية في عمان. وبعد تلك الكلمة، تم تحويل الدكتور رياض النوايسة الى محكمة أمن الدولة بتهمة "اطالة اللسان"، وهي تهمة تختص بمن ينتقد أو يفهم من كلامه انه ينتقد العائلة المالكة في الاردن. وبتاريخ 26 حزيران 2005، اعلنت محكمة امن الدولة براءة الدكتور النوايسة من التهمة الموجهة اليه.

تاليا تجدون المرافعة التي قدمها الدكتور النوايسة امام محكمة امن الدولة وتحمل في فقراتها الكثير من تحليل الواقع السياسي الداخلي للاردن، وارتباطات المشروع السياسي الداخلي بالمشروع الامريكي/الصهيوني، كما يرد فيها مجموعة من النقاط الضرورية لاحداث اصلاح جذري في البنية السياسية الاردنية، وتفاصيل تلفيق التهمة له وكيف تم ذلك. مع العلم ان المادة ادناه قدمت كمرافعة قانونية في الاصل حيث قمت بتحريرها بشكل بسيط، وتقسيمها الى فقرات معنونة، ووضع عنوان اساسي لها.

بقي ان نقول ان الدكتور رياض النوايسة هو احد الشخصيات الوطنية الجذرية في الاردن، وهو طبيب ومحام "معاً"، لكنه يعمل بشكل اساسي في المحاماة، وكان نائبا في البرلمان الاردني في الفترة 1984-1988، و"مطارد من 1965 وحتى الآن!!" كما اجابني عندما طلبت منه تعريف نفسه للقراء!

ارجو قراءة المادة التالية بتمعن رغم طولها، وتوزيعها على اكبر نطاق.

تحياتي،
هشام البستاني


-------------------------------------------------------


ماذا عسانا فاعلين؟: النظام السياسي في الاردن – الابعاد المحلية والقومية

مرافعة الدكتور رياض النوايسة
في القضية رقم 788 / 2005 لدى محكمة أمن الدولة


مقدمة: تشخيص الوضع القائم

أصحاب الشرف ؛ لمعرفة حقيقة هذه التهمة والدوافع التي حركتها ، لا بد من الرجوع الى الظروف والأحوال السابقة عليها ، خاصة وان التهمة الموجهة لي لا تخرج عن تلك الظروف والأحوال التي وُظِفت وفقاً للدوافع والغايات التي ارادت السلطة التنفيذية فرضها على الناس . فمنذ عقود طويلة ونحن نتعايش مع سلطة حكم عرفية اوتوقراطية ، قوامها طبقة إقطاع سياسي ورأسمالي نفعي انتهازي ، لاتقيم وزناً أو أدنى اعتبار لأفراد المجتمع ، وتتعامل معهم بعقل إقصائي تهميشي ، باعتبارهم قطيعا أو رعية مملوكة لها ، وان الوطن مزرعة مطوبة باسمها ، يحق لها وإقطاعها التصرف بموجوداتها وبشرها كيفما شاءت وأنى أرادت . وكل من يريد ان يعبر عن انسانيته وما حباه الله له من حقوق ، جوبه بالرفض والقهر والجبر والغَلبة ، وأصبحت الأحكام العرفية المؤبدة بالشكل أو الروح وقوانين الدفاع الإنجليزية البالية المجددة ، والقوانين الحكومية المؤقتة ، وقوانين الانتخابات السلطوية ومنع الاجتماعات والطباعة والنشر وكم الأفواه ... وكل ما هو مقيد وملغ للحرية… هي الأحكام المحددة والقمينة بسلوكة ـ ودون اعتبار لمرور الزمن عليها ـ الى أن يعود الى سوية قطيعه أو يرحمه الله بعد أن يأخذه الى جواره .

ومع توقيع اتفاقية وادي عربة المشؤومة والباطلة وغير المشروعة ، فلقد تضاعفت وتيرة القهر والقمع والجبر ، التي تعاصرت وتلت قرارات سياسية وسيادية خطيرة ؛ كفك الارتباط بالأرض [الضفة الغربية] دون حق ، واقتلاع وإعادة توطين الشعب [العربي الفلسطيني] الذي فُكَ ارتباطه بأرضه ، وفي التبعية الاقتصادية لصناديق الهيمنة والإفقار وإذلال الشعوب ، وفي شيوع الفساد وتشربه لكافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبالطبع السلوكية وغيرها . هذا ، فضلاً عن التنفيذ الفعلي للمضمون الصهيوني النهائي لاتفاقية وادي عربة ، القاضي بالإجهاز على الهوية العربية الإسلامية لأبناء الأمة ، وتحويلهم الى مجرد كائنات ليس لها حول ولا قوة وليس لها من وظيفة الا خدمة السيد الصهيوني وتمكينه من أطماعه المعروفة .

ومع بداية هذا القرن ، وسيطرة اليمين المحافظ المتصهين الأمريكي على الزعامة الدولية ، واليمين الصهيوني المتطرف على الكيان الإسرائيلي المغتصب ؛ فلقد وضعت هاتان الجهتان وفقاً لسياقهما الجيوستراتيجي خمسة أهداف قيد التنفيذ : ـ

الأول ـ السيطرة على الطاقة والتحكم بمصير العالم ، وهو مااستدعى الانقضاض على العراق والسيطرة على مخزونه النفطي الضخم الذي يقدر عمر الاحتياطي فيه بِ 128 عام ، وهو الأطول في العالم ، في حين يقدر عمر احتياطي النفط الأمريكي بِ 11 عاماً فقط .

الثاني ـ الإجهاز على الهوية الحضارية للأمة العربية بأبعادها العقدية والثقافية العربية الإسلامية والسلوكية ، وفي حقها في استرداد عافيتها وتحقيق مشروعها النهضوي المعاصر. ويظهر ذلك من خلال عملية تفكيك بنية الأمة وإعادة تركيبها على أسس إثنية وطائفية ومذهبية وجهوية وحتى جنسية ، وبالإجمال كل ما يرتبط بإلغاء هوية الأمة ويمعن التمزيق والتفتيت فيها كما هو الحال في العراق ولبنان والسودان ، وكذلك ما يتم التخطيط له والعمل به بشأن سورية ومصر والجزيرة والمغرب العربي وربما الأردن وغيرها . وبما يجعل الكيان الصهيوني هو الكيان الوحيد المتماسك والمقتدر ، ويجعل بقية الكيانات والهويات الجديدة تدور في فلكه وتستمد بقاءها وديمومتها منه .

الثالث ـ تركيز جلّ القدرات العسكرية للتحالف الصهيو امريكي ، وتثبيت وانشاء القواعد داخل الأرض العربية في السعودية والخليج والعراق لمواجهة الخطرين المحتملين الروسي والصيني ، ومحاولة جر حلف الأطلسي لهذه المواقع .

الرابع ـ دخول المشروع الصهيوني مرحلته النهائية بخصوص تصفية القضية الفلسطينية وتحويلها الى مجرد مسألة أقل من إنسانية بإطار إداري ، وبما يضمن استتباب أمن ونقاء الكيان الصهيوني عدا بعض الزوائد غير المرغوب فيها كغزة ومحيطها . وفي هذا السياق جاءت نهاية ابو عمار المعروفة ، وخلافة عباس وطلبات شارون ، والغائه لمعاهدتي كامب ديفد ووادي عربة وقبلهما اعلان أوسلو ومشتقاته .

الخامسة ـ تفكيك وتخريب البنية الثقافية العربية ، من خلال الدخول على المناهج التعليمية وتخليصها من كل ( الأعشاب الضارة ) ذات العلاقة بهويتها الحضارية ، وجوهر عقيدتها الإسلامية ، والموقف من الكيان الاستيطاني في فلسطين ، والروح الجهادية الكامنة فيها ، ونزعتها وتوقها الوحدوي الى غير ذلك من المرتكزات ، وذلك لحساب بنية ثقافية سطحية نفعية استهلاكية منقطعة الصلة بأمتها ، متماهية في المشروع الأمريكي المعولم ومتخذة منه نموذجاً لها .

ووفقاً لهذه السياقات ، فلقد وجدت سلطة الحكم لدينا بمختلف مكوناتها ـ وجدت نفسها أمام استحقاقات كبيرة ترتبت عليها بموجب اتفاقية وادي عربة ، ومتطلبات الاستراتيجية العملية الأمريكية الصهيونية الجديدة التي يقود عربتها اليمين المحافظ المتصهين . وترتب على هذه الإستحقاقات اشكاليات سياسية واقتصادية واجتماعية ووطنية وقومية كبيرة ، جعلتها تقف في مواجهة الداعمين للمقاومين في فلسطين والعراق ، وتعتقل الألوف منهم ، وتحاكم العديد بذريعة الإرهاب وشتى التهم ، وتهجِّر المواطنين الأردنيين كقادة حماس ، وتقف في وجه مقاومة التطبيع ـ آخر حصون المقاومة ـ وتلاحق وتعتقل وتحاكم لجانها ، وتضع النقابات المهنية واحزاب المعارضة والشخصيات والفعاليات الوطنية في مرمى نيرانها واستهدافاتها ، وتفرض أجواءً وسياسات تجاوزت كل المراحل العرفية السابقة وكل أشكال إرهاب الدولة لمواطنيها.

المحاضرة التي ادت الى المحكمة: المقاومة كرافعة للحياة

أصحاب الشرف ؛ في هذه الظروف والأحوال ، ولكوني مسكون بالهم القومي والوطني ، وناشط في التعبير عنه، وفعالية وطنية معروفة ، وحريص على المشاركة وانجاح أي جهد وطني وقومي حقيقي ، ومباشر صريح في التصدي ، وفلاح صبور زارع يرجو السماء ، ويؤمن بالأجيال والمستقبل بعد الله وغير ذلك مما يعارض السياسات الرسمية والرؤى الأمنية والإدارية الفاسدة واللاوطنية وبصورة دائمة ؛ فلقد جاء تلفيق هذه القضية على الوصف القبيح الذي هي عليه ، بعد أن رفضتُ وتجاوزتُ كل رسائل وتهديدات وأعمال السلطة التنفيذية وأجهزتها المختلفة ومضايقاتها وملاحقاتها المتنوعة وليس اخرها توعد المخابرات العامة لي في نيسان من العام الماضي إثر كلمة قلتها في تأبين الشهيد رامز طهبوب الذي استشهد دفاعاً عن عروبة العراق والتي جوهرها تبني اسراتيجية المقاومة ، ولا الرسائل المختلفة إثر كل محاضرة أو مداخلة أو كلمة ، قبل ذلك وبعده ، ومن ضمنها الكلمة التي القيتها في مهرجان (الفلوجة منارة الصمود والتصدي ) التي تلاها استنفار أمني في عمان والكرك والتي أُحاكم على نتف من هنا وهناك منها ، مجتزأة ومحرفة ومقطوعة عن سياقها بقصدية واضحة حتى تختلق منها التهمة موضوع الدعوى التي تم الصاقها بشخصي .

وبالعودة لهذه الكلمة فان ما أردت قوله ، وقلته : [[ نحتفي بالفلوجة كونها حياة وبعث حياة جديد ؛ حياة لأنها شهادة ومشروع شهادة لا يتوقف ، وحياة جديدة للأمة كونها تغلبت على النوازع الفردية والغريزية والبدائية ، وتوحدت في حالة جمعية وقيمية إيثارية ، شكلت وتشكل حاملاً للمقاومة ، ولرسالة حضارية إنسانية تبعث الحياة من جديد في أوصال الأمة ، وتقضي على قرضايات العراق وتطيح باحلامهم ، وتدحر الغزاة وتنحرهم على أسوارها وشوارعها وأزقتها التي هي أسوار بغداد والعراق وأمة العرب جميعاً ، وبما يعيد للعراق وجهه الحضاري العربي الإسلامي الوحدوي الأصيل ، ويجهز على العدوانية الصهيو ـ امريكية ويريح العالم من شرورها وطغيانها .

الحفل الكريم ؛ لا يليق ولا يستقيم الحديث إحتفاءً ببطولة وصمود الفلوجة بعيداً عن القضية التي قاتلت وتقاتل وتجاهد من أجلها، وأعني قضية العرب : أرضاً وانساناً ، حاضراً ومستقبلا ، حرية وتحرراً ، وحدةً وتقدمأً ، عدلاً وخلقاً…وبإجمال هويةً ووجوداً . وفي هذا المعنى وبما تسمح به المناسبة لابد من التأكيد على أربع قضايــا جوهرية:

القضية الأولى : ان حال الأمة اليوم رغم تصعيد العدوان واتساع رقعة الإحتلال المباشر ونشاط اليائسين الميئسين واصحاب الغرض ؛ لهي أفضل حالاً مما كانت عليه طيلة العقدين الأخيرين على الأقل ، وهي بالتأكيد أفضل من قرون عديدة قريبة وبعيدة سلفت . ذلك ، أن كل المحرمات والمقدسات السلطوية هي قيد المراجعة والإباحة الآن . وأن الكثير من الضلالات العقدية والسياسية والوعي المشوه والقراءات الخاطئة ، والأعمال والتصرفات المضرة ، التي حكمت الماضي بكل جوانبه ، باتت مدركة وواضحة بحقيقتها أو قريبة من ذلك على مستوى الجمهور . وأن وعياً عقلانياً بدأ يتشكل على مستوى الأمة ، وان القوى العربية المهيمنة قد اهتزت صورتها وفقدت شرعيتها المدعاة الى درجة خطيرة وصفرية. وان الأمة وأبناءها اليوم ، أقدر من أي وقت مضى على تشخيص واقعها وتعيين وتحديد أعدائها وتحديد مسارات نضالها وسبل التغيير فيها ، وان ما يجري من مقاومة في فلسطين والعراق وقبل ذلك في لبنان ، وما تمور به أرض الجزيرة ومصر والجزائر والسودان وكل الإرهاصات التي تظهر هنا وهناك لخير شاهد على ما نقول ، ومن أن الإرادة الشعبية الأكثر وعياً قد بدأت تأخذ زمام المبادرة وتفرض نفسها على الواقع وإيقاع الأحداث ، كحلقة في عمل تاريخي يؤسس لما بعده ، وان كان على بطُء بحكم السمة التاريخية .

القضية الثانية : هي أن أعداء الأمة ونقائض نهضتها يتوزعون على ثلاث جبهات : جبهة داخلية ؛ قمتها العوائل والأسر والفئات الحاكمة بعامة ودون تخصيص ، وقاعدتها قوى ومؤسسات نظم الحكم النفعية المصلحية والإجتماعية والإقليمية ، التابعة والمرتبطة بالقوى الأجنبية بالاضافة لقوى الشّد الخلفية الذاتية .

وجبهة خارجية ؛ عمادها الإمبريالية الأمريكية المعولمة وحليفتها أو مسخرتها الصهيونية العالمية وكيانها العدواني المسمى باسرائيل وتوابعهما ، وأن معالجة الأولى ( أي الجبهة الداخلية ) حيثما أمكن باعتبارها طابوراً خامساً للثانية ، لها الأولوية في المواجهة ، فبدون العملاء والمستسلمين والخونة والغافلين ماكان لغاز أن يرسخ أقدامة أو يحقق مآربه .

وجبهة ثقافية سياسية تأريخية ؛ سماتها الإستغراب الفكري والثقافي المطلق في الزمان أو المكان ورفض العيش في الواقع وروح العصر وقواعد التطور والإنطلاق منهما نحو النهوض .

القضية الثالثة : إن استراتيجية الأمة في البقاء والنهوض وكما اثبتت التجارب والوقائع ، تتمثل بانتهاج المقاومة في مواجهة أعدائها الداخليين والخارجيين وقوى الشد الى الوراء ، ذلك بان أجزاءً رئيسة وغاية في الأهمية من الأرض العربية تقع تحت الإحتلال المباشر للمستعمر كما في فلسطين، والعراق ، والأحواز ، والاسكندرونة ، وسبتة ، ومليلة ، وجزر ابو موسى وطنب الكبرى والصغرى، والنصف الغربي من البحر الميت التابع لشرق الأردن تاريخياً ، والباقورة ، وشريط شرقي خط الهدنة مع فلسطين وعلى طول وادي عربة .…بينما تخضع أجزاءً أخرى غالبة لإرادة الأجنبي بصورة غير مباشرة ،كون الأنظمة التي تحكمها وتديرها قدمت وتقدم خدماتها للمستعمر الأجنبي (الصهيو أمريكي) بقصد أو بغير قصد ، وبصرف النظر عن مسميات هذه الأنظمة . فهذه الأنظمة هي التي سهلت للمستعمر إحكام السيطرة على الوطن العربي ، وهي ـ أي الأنظمة ـ التي شلت طاقات جماهير الأمة وقمعتها وأقصتها عن كل فعل تاريخي ، وحرمتها من مقاومة المستعمر . وهي التي عملت على تشويه وعيها ، وقتل روح الإنتماء فيها ، وهي التي اصابتها في هويتها وفي منظومة القيم لديها . وهي التي حولتها الى ما يشبه القطيع الذي تحرسه الذئاب لينقاد بين انيابها الى حتفه وهي وهي وهي… . وهكذ نفذت أهداف المستعمر المحتل الخارجي بأكثر مما تمنى وحلم . وهي على هذا النحو وبصرف النظر عن مسميات مكوناتها تستحق بصدق وصف الأعداء الداخليين دون أدنى مبالغة .

اذن ، وأمام هذه الحالة من الإحتلالات المباشرة وغير المباشرة فلا مناص أمام الأمة من مقاومة هذه الإحتلالات بغية تحقيق هدف التحرير ومجابهة تحالف المحتلين الخارجيين والداخليين ، والحديث هنا ليس عن تحالفات افراد ايا كانت القابهم أو مقاماتهم أو صفاتهم ، وانما هوحديث عن تحالف سلطوي لقوى ومؤسسات وطبقات اقطاع سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي منحرف، ارتبط وتبع ورهن نفسه بنظيره المستعمر على الطرف الآخر .
فمقاومة المحتل هي الجواب التأريخي الوحيد عليه ، وهي الرد الطبيعي والفطري والعقدي لكل أمة حية . المقاومة هذه لها الأولوية على ما عداها ، وهي بهذا المعنى سبيل التحرير والحرية وسبيل العدالة وطريق المساواة . وهي مبدأ حقوق وكرامة الإنسان ، وهي فوق ذلك مرتكز ومنطلق روح ووعي المواطنة ، وتبيّنَ الهوية ، وطريق الوحدة ، ونقطة إرتكاز وانطلاقة مشروع الأمة النهضوي المعاصر .

المقاومة بهذه الماهية والغاية ، هي استراتيجية الأمة العربية الإسلامية في البقاء والنهوض التي لامحيد عنها ، وكل يوم يؤجل فيه مشروع المقاومة ، بل ضرورة المقاومة ، يجعل كلفتها وتضحياتها التالية اضعافاً مضاعفة .

والأردن بإعتباره جزءاً صغيراً من الوطن والأمة العربيين ، ليس له وجود أو بقاء خارج سياق استراتيجية المقاومة إن هو أراد البقاء في إطار هويته القومية والعربية ، المرتكزة أساساً الى العقيدة والثقافة والتراث العربي الإسلامي ، ومن ثم الى ضرورات الحياة والتواصل مع جذوره العربية الإسلامية التي تمده بالحياة . وهو بخلاف ذلك لن يعدو كونه غصناً انفصل عن فرع شجرته واصبح غريباً يرجو المدد والحياة من غير ذي صلة من الغير المعادي دون جدوى .

ولأن كل مواطن عربي ومسلم كريم وشريف مسؤول عن الثغر الذي هو عليه ، ولأن مصلحتنا الوطنية تقضي أن نكون في خندق المقاومة ، ولأن الظروف السياسية والإقليمية وواقع الحال يجعل قدرتنا على الفعل في هذا السياق المقاوم مؤثرة ومثمرة أكثر عند أدائها داخل الدائرة الوطنية ، ثم القومية وهكذا ... ؛ فإننا في الأردن مطالبون وطنياً وقومياً وإسلامياً وحياتياً بإنتهاج ستراتيجية المقاومة ـ مقاومة المحتل الصهيوني الأمريكي ـ بكل الإمكانيات وبشتى السبل .

وحتى نستطيع ذلك ، ونشرع بالفعل المقاوم ( الذي هو التعبير الأول والضروري عن الحياة ) ولضرورات الحد الأدنى من الحرية والكرامة والعيش ؛ فانه لا بد وأن نبدأ بإعادة النظر فيما نحن عليه من جميع الوجوه الحياتية وبما يشكل الأرضية الصلبة والحقيقية للعمل المقاوم والإرادة الحرة ، ارادة المقاومة والحياة والتقدم والرسالة، وبما يقتضي ـ وهذه القضية الرابعة ـ :

إن مسئوليتنا في الجزء الأردني من وطن العرب في هذه المرحلة وفي إطار استراتيجية المقاومة ، تتأسس وتنبع من واجبين / هدفين متلازمين :

الأول : وجوب المشاركة الفعلية في المقاومة الفلسطينية والعراقية بما يوفر تقديم الدعم المادي والمعنوي للمقاومين ومشاركتهم الفعل المقاوم ، والضغط على سلطة الحكم لإرغامها على إعداد الشعب إعداداً مقاوماً وتبني استراتيجية المقاومة بما في ذلك تدريب جماهير الشعب وتسليحها وفتح الحدود أمام المقاومين، وإنهاء أية علاقة مع العدوين الصهيوني والأمريكي ومن أي نوع كان.

والثاني : العمل الجاد والمخلص من أجل مراجعة النظام السياسي القائم ، وتأكيد بنائه على أساس من حق المواطنة ، والمشروعية ، والمقاومة ، والمساواة في الحقوق والواجبات ، والانتماء لهوية الأمة العربية الإسلامية ، والعمل على وحدتها ، وحق اتباع النهج الديموقراطي في اختيار أسس وقواعد الحكم الموضوعية وتدوينها وبما ينسجم مع بنية النظم البرلمانية الديمقراطية ، والفيصل في ذلك كله ما تقرره صناديق الاقتراع بنص المادة الأولى من الدستور الأردني {{ المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لايتجزأ ولا ينزل عن شيء منه ، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية ونظام الحكم نيابي ملكي وراثي }} وهذه هي القضية الرابعة التي قلت بها ]] .

النظام السياسي الاردني، كما يجب ان يكون

وكما تلاحظون أصحاب الشرف ؛ الحديث هنا عن أحكام موضوعية لنظام سياسي هو من صنعنا كما هو مفترض ، ومن حقنا النظر والقول فيه في أي وقت وكلما اقتضى الأمر . فالنظام السياسي هو الذي يعبر عن ممارسة السلطة السياسية وإداراتها لشؤون المجتمع وموارده ومناحيه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية .. الخ . وهو الذي يتضمن بالإضافة لعمل سلطات الدولة الرسمية التنفيذية والتشريعية والقضائية والإدارة العامة يتضمن عمل كل المؤسسات غير الرسمية من منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وعلى كافة المستويات المركزية ولإقليمية والمحلية ، وهو الذي يتضمن في بنيته الهيكلية كافة القوي والطبقات والهيئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية المستفيدة الرسمية والشعبية وحتى غير المستفيدة وان كانت في الجانب السلبي منه . وبإجمال ؛ فالنظام السياسي هو ذلك الكل المترابط والمركب من المصالح والأشخاص المعنوية والطبيعية الرسمية والخاصة ذات الوظيفة المحددة والمحكومة بقواعد معينة وتفضي الى نتائج بعينها . على أن لايفوتني هنا أن اشير، الى أنني لم أتطرق للحالة الرمزية أو للشكل الخارجي الذي يتخذه الحكم فذلك ليس شأني أو مقصدي ، وإنما بغيتي ومرادي الأحكام والقواعد الموضوعية المؤسسة لنظام الحكم من حقوق وواجبات وضمانات فردية وجمعية واليات تطبيق وتنفيذ على وجه صحيح .

وفي سياق تأكيد الأسس المرجعية للنظام السياسي قلت بضرورة إنجاز المهام التالية: المهمة الأولى : وفي معنى التقنين لطبيعة النظام السياسي الذي ننشد ؛ قلت وأقول بوجوب مراجعة الدستور بعد أن تعرض لعشرات التعديلات لصالح السلطة التنفيذية وعلى حساب الأمة مصدر السلطات ، وبالتالي إعادة كتابته من جديد ، بحيث يعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية لأفراد الشعب بصفتهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات ، وان حقوقهم وحرياتهم وكراماتهم محمية ومصونة ، وانهم جزء من الأمة العربية ، وان القانون هو الذي يحكم بينهم ويسود على الجميع ، وأنهم يتفيأون في ظلال حكم رشيد صالح وشفافية عالية، وإن القرار في الدولة يبنى على قواعد مؤسسية ، وبما يكفل قيامه على القواعد الديمقراطية البرلمانية التي لاغنى عنها ، وأهمها :

أ ـ قاعدة ضمان الحق في تبادل وتداول السلطة بين القوى السياسية المختلفة في ضوء ماتفرزه صناديق الإقتراع والإرادة الشعبية في انتخابات حرة وطنية نزيهة ينظمها قانون انتخاب وطني شكلاً ومضموناً واجراءً .

ب ـ قاعدة ضمان عدم جواز حكم الفرد أو القلة للكثرة ، واحترام الكثرة لرأي القلة ، وذلك تعبيراً عن ان الحكم والسلطة فيه ، هي من نصيب الأغلبية ( الكثرة ) التي أولاها الشعب الثقة ، وليس من نصيب القلة التي لم تحز على تلك الثقة ، وبالطبع ليس من نصيب فرد واحد أياً كان .

ج ـ قاعدة ضمان عدم جواز الجمع بين السلطات ، وبما يكفل الفصل المتوازن والتعاوني بين السلطات الثلاثة ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ، وبما يحول دون جمعها بيد فرد واحد أو قلة من الأفراد ، وكذلك بما يمنع أي منها من الطغيان والهيمنة على غيرها .

د ـ قاعدة ضمان وجوب توازن وتعادل السلطة والمسئولية ، وبما يحقق مساءلة وتحميل المسئولية لكل من يمارس أو توكل اليه السلطة ، ويحول دون ان يكون هنالك افراد محصنون من المسئولية ويملكون السلطة ، ذلك أن القاعدة {{ أن من يحكم يسأل ومن لايسأل لايحكم }}.

هـ ـ قاعدة ضمان الحقوق والحريات العامة وسيادة القانون ودولة المؤسسات ، وبما يحقق الحماية التامة للحقوق كافة السياسية والمدنية ، ويضمن صيانة الحريات ويمنع التجاوز عليها ، ويجعل دور القانون مجرد منظم لها وليس محدداً ووصياً عليها ، ويجعل السيادة للقانون وليس للأفراد الذين يطبقونه أو ينفذونه .

2 ـ مهمة إعلان بطلان اتفاقية وادي عربه(المسماة معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية) وكذلك كل الأثار التي ترتبت عليها باعتبارها اتفاقية باطلة دستورياً .كون الموقعين عليها لايملكون الحق في التنازل عن الأراضي الأردنية في الضفة الغربية ووادي عربة والباقورة والبحر الميت ، ولكونها قائمة على الإكراه والتدليس والغرر وتزوير الإرادة أصلاً ، ولكونها مبرمة مع عدو غاصب مستوطن لا يملك أي حق ومن أي نوع كان . وحديثاً لأن المجرم شارون الغاها من جانبه ودون اعتبار للطرف الأردني .

3 ـ مهمة فك الإرتباط مع العدو الصهيوني نهائياً ،وأمريكا مادامت معتدية على الحقوق العربية .

4 ـ مهمة إعلان بطلان قرار فك الإرتباط الإداري والسياسي مع الضفة الغربية وكل مارتبه من أضرار جسيمة وذلك لانعدام دستوريته ولعدم جواز التخلي عن أرض الوطن المحتل وفقاً لكل القواعد والمبادىء الوطنية والأخلاقية والدينية والقانونية.

5 ـ مهمة فك الارتباط مع صندوق النقد والبنك الدوليين وإعادة النظر بكل مارتباه من سياسات أضرت بالإقتصاد الوطني ورهنته للرأسمال المعولم ، واعادة بناء السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية على اعتبارات وأسس وطنية تستهدف مصلحة الغالبية العظمى من الشعب بصورة أساسية .

6 ـ مهمة المباشرة الفورية بمكافحة الفساد بكل انواعه ؛ السياسي والإجتماعي والإقتصادي والمالي ، الصغير منه والكبير ، الرسمي والخاص ، وضرب مؤسساته وشل قوانينه وتعريتها وتقديم الإنموذج القيمي الوطني . وتحصين القضاء من التدخل ورفع سويته وكفاءته وتخليصه من علله، وانشاء محكمة دستورية تتولى الرقابة على دستورية التشريع .

7ـ مهمة إعادة تشكيل البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية في ضوء المهام السابقة.]] .
وهكذا وكما تلاحظون ، فان هذه المهام هي مهامُ وطنيةُ وقومية مُجمَع عليها من كل شرفاء الأمة والمخلصين فيها ، والقول فيها والدعوة لها ؛حق وواجب وطني ورأي وحق لصيق بالإنسان ، مكفول بالدستور . ولا يصح أن توصف ممارسة هذا الحق بالإجتراء على الثوابت الأردنية كما تدعي مؤسسات الحكم والإدارة ، وهي لا تشكل وليس لها علاقة بأية واقعة جرمية .

وأيضا، تعمدت دولة الأجهزة وما انبثق عنها من حكومة وإدارات لفقت التهمة وجرت وراءها النيابة ـ تعمدت الإيهام بأن نظام الحكم لدينا يقوم على أساس حكم الأسرة أو العائلة كما في المحيط من بعض الدول غير المدسترة ، وذلك في محاولة بائسة لشمول أسرة الملك بنص الخطاب وبما ييسر اختلاق الجريمة ، وفاتهم ان نظام الحكم لدينا لا يقوم على أساس حكم الأسرة أو العائلة كما في المثال السابق ، بل هو نظام برلماني ملكي وراثي ، وبما يعني ان جوهر النظام في سياقه العام (نظام برلماني يعتمد على سلطة الأمة) وأنها (أي الأمة هي مصدر السلطات). وانها في الأصل هي التي تحكم ، وأن الملكية ماهي الا الرمز والإطار الخارجي للنظام وهو مايبرر (كونها مصونة من أي تبعة أو مسئولية)، وان الوراثة لاتعدو كونها آلية يتحدد بموجبها الملك الذي يتولى العرش. وبالنتيجة فان نظام الحكم لدينا في جوهره وكما تحدده المواد الأولى والرابعة والعشرين والثلاثون من الدستور يقوم على أن السيادة للأمة، وأنها هي مصدر السلطات وأنها هي صاحبة الحكم أصالة، وأن لا ذكرَ في مجال الحكم لأُسرة أو عائلة، وهو ما دعوت الى تكريسه واظهاره بجلاء في النصوص التفصيلية للدستور وقيامها على أساس منه. ونظام الحكم الأردني على هذا النحو أبعد ما يكون عن نظم الحكم الأسرية والعائلية التي حاولت حكومة الأجهزة وإدارتها أن تصفه بها حتى تتوصل الى تفصيل التهمة التي حاكتها ضدي.

تلفيق القضية

أصحاب الشرف؛ لايوجد في هذه الدعوى قضية ضد الظنين . وقد ثبت ذلك أمام محكمتكم الموقرة بصورة قاطعة . فالبينات التي استند اليها قرار الظن والمكونة من : [[ المبرز م / 1 ( أي ماسمي بالضبط الموقع من الشاهد سمير المبيضين ) ، والمبرز م/ 2 ( أي الكلمة المنسوبة للظنين ) ، والمبرز م/ 3 ( أي ملف التحقيق والذي لا يحوي غير المبرزين السابقين وشهادة الشاهد سمير أمام المدعي العام ) ، بالإضافة لشهادة الشاهد سمير لدى المدعي العام ]] ، هذه البينات جميعها مختلقة ، وغير قانونية، وباطلة ، ومخالفة للنظام العام ، ولا تصح ولا يجوز أن تكون أساساً ليبنى عليها قرار اتهام أو يؤسس عليها حكم.

فالمبرز م/ 1 ( ما سمي الضبط أو الإفادة ) ؛ موقع من شخص لم يقم بضبط الأقوال الواردة فيه ، ولم يكن حاضراً على تلك الأقوال ، وأُبرِزَ من خلال ذلك الشاهد الذي لم يسمع كلمة واحدة منه ، ولم يشهد أي من وقائعه كما اعترف بذلك الشاهد الموقع عليه نفسه ( سمير المبيضين) أمام محكمتكم الموقرة . كما ان الذي قام بالضبط شخص آخر تم اخفاؤه يدعى فراس العبادي كما أفاد الشاهد سمير، وهو شخص ليس له صفة في القيام بفعل الضبط ، وليس له أي وجود في الدعوى ، ولا نعرف من هو ، وما وظيفته وصلاحياته ؟! ولماذا لم يوقع هو على الضبط ، ويشهد عليه أمام المدعي العام والمحكمة ؟! . وهذا الضبط وعلى هذه الصورة لايعدو كونه اصطناع وتزوير لمحرر رسمي يشكل بحد ذاته جريمة جنائية تستوجب ملاحقة مرتكبيها وليس دليلاً لتجريم الغير أو الظنين ـ هذه من جهة أولى ـ .

ومن جهة ثانية ـ فان المبرز م / 1 لم يقم به شخص مختص بالتحقيق في الجرائم ، فلا هو الشاهد الذي زعم انه هو الذي نظم الضبط ، ولا هو المدعو فراس العبادي مخول قانوناً بإجراءات الضبط والتحقيق في الجرائم بافتراض انه هو الذي أجرى الضبط ، كما انه لم يفوض من أحد . وأياً كان الشخص الذي ارتكب تلك الفعلة فان مثل هذا الضبط لايعدو كونه عملا غير مشروع واجراءً باطلاً وغير قانوني ولا يصلح في كل الأحوال لئن يكون دليلأ يبنى عليه الإتهام أو سبباً في حكم .

ومن جهة ثالثة ـ وحسب ما جاء في اقوال الشاهد سمير أمام محكمتكم الموقرة من أن الضبط قد تم في صيغة سؤال وجواب وبإسلوب المناقشة ، وهذا يعني أن من قام بالضبط قد استجوب الظنين ، وقام بعمل هو من اختصاص المدعي العام فقط ولا يجوز التفويض فيه لأي شخص آخر . الأمر الذي يجعل عمل من قام بالضبط ، عملاً غير مشروع ، وباطل ، ومنعدم القيمة في معرض البينة في الدعوى ولا يجوز أن يقام على أساسه إتهام أو يؤسس عليه حكم .

ومن جهة رابعة ـ فإن ماقام به الشاهد سمير الموقع على المبرز م / 1 وكذلك المدعو فراس من الإشتراك في اصطناع هذا المبرز على الصورة التي هو عليها وتقديمه كدليل على ادانة الظنين ، لا يعدو كونه عملاً مخالف للنظام العام وللقانون وهو مايجعل هذا المبرز غير صالح في معرض البينة لغايات الإتهام.

واما المبرز م / 2 ( أي الكلمة المنسوبة للظنين ) ، فهو باعتراف الشاهد سمير أمام محكمتكم الموقرة لا يعود للظنين ، بل هو من اصطناع عدد من موظفي محافظة العاصمة الذين قاموا بكتابته وطباعته بتكليف من الشاهد سمير الذي ضمنه ملف الشكوى والإحالة الى النائب العام ، ثم قام تالياً المدعو سمير بالشهادة عليه أمام المدعي باعتباره الكلمة التي القاها الظنين على حد زعمه . إن هذا المبرز المصطنع الذي لايعود للظنين ، ومن صنع الجهة التي جلبت الظنين واستجوبته واتهمته واحالته مخفوراً الى النائب العام ، وإدعت واستعملت المبرز في مواجهته باعتباره الكلمة التي القاها ، كما تم ابرازه من المدعي العام رغم معرفته بكل ذلك ، هذا المبرز هو كسابقه المبرز م / 1 عمل غير قانوني وغير مشروع ومجرّم وعديم القيمة القانونية ولا يصلح دليلاً على أي وجه ، ولا يحتج به في مواجهة الظنين ، ولا يصح ان يستند اليه في الإتهام الموجه للظنين أو كأساس لحكم .

وأما البينة الثالثة التي استندت اليها النيابة فهي شهادة الشاهد سمير المبيضين وهو الشاهد الذي ناقض وتراجع أمام محكمتكم الموقرة عن كل أقواله التجريمية التي شهد على الظنين بها لدى المدعي العام وشهد بها أمام محكمتكم ، ثم عاد وتراجع عنها وناقضها بعد مناقشة الدفاع له . ومنها اعترافه بانه لم يقم بتنظيم الضبط الذي هو موقع عليه (المبرز م/ 1 ) ، وانه لم يشهد وقائع الضبط ولم يسمع أية كلمة منه ، وان الضبط قد نظم من قبل شخص آخر اسمه فراس العبادي ، وانه لم يناقش الظنين فيه . وكل ذلك على النقيض مما جاء في شهادته لدى المدعي العام ولدى المحكمة وقبل مناقشة الدفاع له. حيث كان قد شهد بانه هو الذي نظم الضبط ، وانه ناقش الظنين فيه. وان الظنين قد أدلى باقواله بمحض إرادته واختياره … الخ .

كما تراجع وناقض أمام محكمتكم الموقرة كل أقواله التجريمية التي شهد على الظنين بها لدى المدعي العام وشهد بها أمام محكمتكم، ثم عاد وتراجع عنها وناقضها بعد مناقشة الدفاع له . ومنها اعترافه بان المبرز م/ 2 ليس هو الكلمة التي القاها الظنين، وان ذلك المبرز هو من صنع وكتابة وطباعة عدد من موظفي المحافظة التابعين له، وانه لايعرف فيما اذا كانت كلمة الظنين مكتوبة أم شفوية، وأنه لم يذكر انه ناقش الظنين فيها أم لا، وانه لم يحضر الكلمة ، وكل ذلك على النقيض مما جاء في شهادته لدى المدعي العام ولدى المحكمة وقبل مناقشة الدفاع له حيث كان قد شهد بان المبرز م / 2 هو الكلمة التي القاها الظنين ، وأنه ناقشه فيها ، وأنه الظنين أقرّ بأنها كلمته بطوعه واختياره .

كما تراجع الشاهد وناقض نفسه عندما ادعى قوله للظنين (( ان لك الحق ان تعلق على أي مسؤول أو أي شخصية سياسية باستثناء مؤسسة العرش فأجابني هذا رأيك الشخصي غير ملزم )) ، وهو ما لايذكره الظنين ، وتراجع عنه الشاهد وناقضه عندما أجاب على سؤال للدفاع فيما اذا كان الظنين قد تطاول على رأس الدولة بحضوره ، فأجاب أمام محكمتكم [[ الظنين من خلال أسئلتي له واجوبته لم يتطاول على مقام حضرة صاحب الجلالة ]] . وواضح أن الشاهد قصد باقواله هذه قبل أن يتراجع عنها ـ قصد ايهام المحكمة الموقرة بان هنالك مؤسسة عرش تمثل شخصية اعتبارية في صورة مؤسسة قانونية جاء بها نص الدستور أو حتى القوانين العادية خلافاً للحقيقة . متناسياً أن مقولة العرش ليس لها علاقة بأي بناء مؤسسي ، وانما وردت في النص الدستوري بمعنى (صاحب المُلك والمُلك) وكما في نص المادة 28 من الدستور (( تنتقل ولاية المُلك من صاحب العرش الى أكبر أبنائه …)) أي ينتقل الملك . وفي التنزيل العزيز (( ولها عرش عظيم )) أي ملك عظيم أو كرسي عظيم كناية عن التبجيل والتعظيم ، وليس بمعنى مؤسسة أو ما شابه مما أراد الشاهد أن يوحي به ليشمل نفسه وغيره فيه ، وليضفي على نفسه ومن معه حماية قانونية خاصة ، ولكي يخلق قاعدة تجريمية من بنات أفكاره ودون نص قانوني ليوقع عباد الله فيها .

وفضلاً عما سبق ، فلقد جاءت شهادة الشاهد بكاملها على السماع ومن اشخاص ليسو شهوداً في الدعوى وهو مايجعلها شهادة غير مقبولة ولا صالحة ليبنى عليها اتهام أو يؤسس عليها حكم.

يضاف الى ذلك أن شهادته مبنية على الرأي والتحليل من جهة وعلى التخمين من جهة أخرى حيث ذكر في شهادته على الصفحة 9/ الأسطر 2 ـ 4 قوله [[ وانا تحديداً بالضبط لا أذكر العبارات التي كان الظنين قد ذكرها ]] ، ومثل هذه الشهادة غير جائزة وغير مقبولة .

جملة القول ، ان ماجاء في شهادة الشاهد أمام المدعي العام سواء تعلق الأمر بالشهادة على المبرزين ( م / 1 ، م / 2 ) أو بقية أقواله الموجهة ضد الظنين ،كانت غير صحيحة وكذلك الحال أمام المحكمة قبل استجواب الدفاع له ، وقد تراجع عنها بكاملها بعد استجواب الدفاع له وتناقض مع ماسبق وان شهد به . كما كانت الشهادة مبنية على السماع وليس منقولة عن شاهد في القضية، ومعتمدة على التخمين وإبداء الرأي ، وهي لذلك غير قانونية وليست بشهادة ولا تشكل أو تصلح دليلاً يبنى عليه إتهام ، أو يؤسس عليها حكم .

وعليه ؛ وفي ضوء ماتم توضيحه وإثباته من أن كافة البينات التي استندت اليها النيابة العامة في الإتهام كانت غير قانونية ، ومخالفة للنظام العام ، وباطلة ، وليست صحيحة بل ومزورة قولاً وكتابةً ، فان ماترتب على ذلك أن كافة الأركان والعناصر التي قام عليها الإتهام قد أصبحت منعدمة ولا وجود لها ، وتالياً أن لا وجود ولا حقيقة للجرم المنسوب للظنين .وسبحان العزيز القائل (( ومكرُوا ومكَرَ الله ُواللهُ خيرُ الماكرين )) صدق الله العظيم ( 54 ) آل عمران .

أصحاب الشرف ؛ عند هذه النقطة وبعد توضيحها وبيانها على الجلاء الذي ظهرت عليه ، كان علىالمحكمة ان تصدر قرارها بأن لا وجود للقضية ، اختصاراً للوقت وتوفيراً للجهد وتجنباً لإجراءات لاطائل من ورائها خاصة وان الظنين طلب ذلك . ولكن ، ومع بيان الأمر على الوضوح الذي ظهر عليه ، الا أن محكمتكم الموقرة أصرت على السير في الدعوى ، ولكن هذه المرة ليس بالإمتناع عن اتخاذ القرار المقتضى في الوقت المناسب ، وإنما لترتكب أخطاءً جوهرية ومخالفات قانونية صريحة لم نعتدها ولم نكن نتمناها لها . فكان أن أخذت بمناقشة الظنين في المبرزات غير القانونية سالفة الذكر التي قدمتها النيابة وشهد عليها الشاهد كذباً ، كما ناقشته بأقوال شاهد النيابة في سابقة فريدة من نوعها وفي الإفادة الدفاعية كذلك . وعندما تقدم الظنين ببينته الدفاعية وسمى شهوده ، رفضت محكمتكم الموقرة دعوة شهوده والإستماع اليهم وحرمته من حقه المقدس في الدفاع الذي كفلته كلّ الشرائع والقوانين الوضعية والسماوية وقدسته وجهدت في تمكين أصحابة منه . الأمر الذي جعل الظنين مجرداً الا من مرافعته الختامية في سابقة غير مسبوقة ولا أظنها متبوعة ، ولاتخطئها البصائر والله المستعان .

خاتمة: ماذا عسانا فاعلين؟

أصحاب الشرف ؛ في سجن أبي غريب لم يكتف الأمريكان والصهاينة بدوس كرامة وعرض الرجال بل تجاوزوا ذلك لتنظيم حملات اغتصاب منظم للأسيرات المجاهدات العراقيات ، مما حدا بالأسيرات ، مجاهدات الفلوجة نور وفاطمة وعروبة في 8 شباط 2005 الى تسريب نداء للمجاهدين يقلن فيه [[نرجوكم هاجموا السجن بكل ما تملكون من أسلحة ، دمروا السجن ، واقتلونا مع الأمريكان . بالله عليكم إفعلوا هذا الآن . لأن بطوننا امتلأت بأولاد الزنا ]] . وأمام هذه الصرخة المدوية الفاجعة ؛ نسألكم وأنفسنا : ماذا عسانا فاعلين ؟! هل نقول لهن ولكل حرائر العرب معذرة فنحن نخشى إطالة اللسان ، وطلاقة اللسان ، وعِيّ اللسان ، ووظيفة اللسان ؟! . هل نقول أن لا صلة ولا علاقة لنا بالأوطان أو الإنسان ؟!. أم نقول لاحول ولا قوة الا بالسلطان ، نسبحه ونحمده توسلاً وتسولاً لرضا الأرباب من الصهاينة والأمريكان …. لا... والف لا.. لن نقولها ، وسنقاوم من يقولها .. بل ونقول : سيمضي المقاومون المجاهدون في العراق ، وسيمضون في فلسطين مهما طال الزمن ، وسيقاتل معهم المجاهدون العرب والمسلمون وأحرار العالم في كل مكان ، وسنقف معهم ، ونتوحد فيهم ، وسيندحر الغزاة الصهاينة والأمريكان والإنجليز ومعهم اتباعهم ، وستنتصر الأمة وتعلوا راياتها ، وتستعيد مجدها التليد والقها الحضاري الإنساني بما يرضي الله والرسول وكل الأكرمين والمجاهدين.
أصحاب الشرف ؛
لايخفى على محكمتكم الموقرة أن ما قلت به ؛ لهو في صالح الأمة والأردن ، وفي مصلحة النظام السياسي وإصلاحه ، وفي سبيل الإصلاح والصالح العام ، ولا يشكل فعلاً جرمياً مطلقاً / بل كان وما زال وسيبقى عملاً مشروعاً وحقاً أبلجاً ، وواجباً محموداً باعتباره ممارسة لحق التعبير وإبداء الرأي في الشأن العام ، الذي هو في جوهره حق لصيق بالإنسان ميزه الله به عن بقية الكائنات ولا يجوز التنازل عنه أو مصادرته أو الحجر عليه أو انتقاصه أو يمر عليه الزمن ، وجلّ ما أرجوه أن يسجل جهدي وجدي واجتهادي هذا في ميزان حسناتي يوم القيامة ، وأن يُوفَقَ كل الشرفاء والأحرار في العمل على مراجعة الدستور وإعادة تأكيد بِنيَةَ النظام السياسي وشرعيته على قواعد المواطنة ، والحرية ، والمساواة ، والعدالة ، وسيادة سلطة الأمة والقانون ، والهوية العربية للأمة ، والوحدة القومية والإسلامية، ومنهج المقاومة ، والعقيدة الجهادية ، وتبني النهج الديموقراطي كآلية حكم معروفة لاغنى عنها ، وأضيف مطالباً بإلغاء القاعدة التجريمية لإطالة اللسان {{المادة (195) من قانون العقوبات}}، والغاء محكمة أمن الدولة وكافة المحاكم الإستثنائية وبالتطوير الفعلي الناجز والجاد لمؤسسة القضاء .

وعلى ضوء كل ماتقدم ؛ التمس من المحكمة الموقرة اتخاذ القرار بعدم وجود قضية في مواجهتي .

(( رَبَّنَا افتح بينَنَا وبين قومِنَا بالحقِ وأنتَ خيرُ الفاتحين )) الأعراف / 89 .
بكل احترام وتقدير .

هناك ٨ تعليقات:

د. ياسين كاسب الخرشه يقول...

الدكتور رياض النوايسه من شباب الوطن الشرفاء الذين تم استبعادهم من الحياة السياسية للشعب الأردني لما يتصف به من رؤية وجدية وانكار للذات . لكن لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم؟؟؟

غير معرف يقول...

After application the hair is simply dried, either naturally or using a drier.
As far as medical treatment is concerned, it's often suggested to consult your doctor before any further proceeding. Its intention is to offer you ideal cosmetics which are safe and substantial in quality, all the way through the world.

my blog post ... hair products

غير معرف يقول...

Personal opinion is generally exhibited in various types of editorial
writings. Or, when we speak of American capitalism, do we mean jobs for our people, medical care for
all of us, decent wages and decent retirements. Current newspapers provide different articles in the development of the nation.
For documentation purposes and additional interest, be sure to include the banner including the name of the news publication, as well as the date section.
Thats why Indian Hindi papers are very popular in all corners of India.


Feel free to visit my webpage: click here

غير معرف يقول...

It is widespread thing to encounter some sorts of illnesses within our life, but the factor is it really is
uncommon to meet the proper treatment as soon as. If so, taking steps like trying to prevent further injury
or loss of blood are the most important thing you can do.

It is also possible that if CLASS recipients
are eventually enrolled in AHCCCS (Arizona's Medicaid program), AHCCCS will benefit financially by receiving a share of the cash payment made by the CLASS program. Some conditions affect basically one organ or tissue type, others are more widespread. Her new Bluetooth Headset is obviously the latest model.

Visit my web page journalizing

غير معرف يقول...

Located near Statesville North Carolina in the town of Hiddenite, which is named after the gem found at the mine.
Now repeat the process by mining and dropping simultaneously.
We design and manufacture the full range of conveyor components used in materials handling equipment, whether
for new systems or replacement parts to any existing equipment.

غير معرف يقول...

So there are many virtual airlines that you
can choose from and be their management. Most of us
has a chance to experience the amazing adventure of some kind of aircraft simulators.
However, such training programs are tough to wave through since it require tons of learning patience and willingness to proven
one’s innate skills. If you are looking for some excitement beyond just flying, the Jane's series of combat flight simulators is the best place to look. Retain on your own and these you enjoy in the gaming.

Here is my homepage :: simulator

غير معرف يقول...

The DE particles act to puncture the exoskeletons of most insects, mites,
fleas, ticks, etcetera, causing them to die by dehydration.
Use the cultivator to make holes in the soil and turn it up just a
little between the rows. Subtle gardening themes act upon the subconscious, and merely give the observer a pleasant feeling.


Feel free to visit my web site mohammedan

غير معرف يقول...

Whether you are searching for specialty styling products or specific Loreal hair products, you are sure to find what
you need. This article will explain the hair product diversion
conspiracy and list ways that you can determine whether or not
the beloved salon brand you saw in Walgreens last week was truly
diverted merchandise or strategically placed by the powers that be.
The product should be one that is made for your type of hair, whether it be dry, oily, curly or straight.