احدث بيان لجنة المتابعة للملتقى الوطني، برغم تحفظي على بعض ما جاء فيه، زلزالا حقيقيا في الوعي على الأقل لمتابعي الهم السياسي في الشارع الأردني سيكون له تبعاته. ففجأة خرج للناس بيان يشق حالة الصمت والا مبالاة المسيطرة ويحاول أن يؤسس لخطاب ورؤيا مختلفة. تضع قضايا الشعب الأردني في سياق قضايا المنطقة العربية والعالم وتخاطبه بثقة وتعيد له ما هو في الأساس منه وفيه وعيا ووجدانا.ه
ه
فمَن من المواطنين لا يعرف أن: " ه
ه
"وعلى هذا النحو فلقد دأبت السياسات الحكومية الأردنية بثبات دائم ، فكان أن دعمت الغزو الأمريكية على العراق وما زالت ، ووقفت ضد المقاومة المسلحة في فلسطين ، وافتعلت المواجهة معها، وجعلت من نفسها خندقاً أماميا الى جانب بوش وعصابته في مقاومة ( الإرهاب ) ، ووضعت لها استراتيجية ( استباقية ) لهذا الغرض ، وتفاخرت بان شكلت قوات عاملة خارج الحدود ، وعززت سلطة وحكم أجهزة الأمن ، وأنكرت على الناس حقوقهم السياسية ، وشرعت وتشرع كل القوانين المضيقة والمصادرة للحريات والحقوق اللصيقة بشخص الإنسان ، وتتسابق مع ظاهرة بوش في تشريعات الإرهاب ، وتلغي أي دور أو إرادة للمواطنين والناس ، وتعتقل نواب الشعب وتجرمهم وتحرض عليهم دونما فعل جرمي الى الحد الذي يتأسى به الكيان الصهيوني المجرم ، بل وتجرم حميد الأخلاق ، وبما يجعل فعل العزاء عملاً مجرماً تتجاوز أثاره كل من له صلة بفاعله أسرة أو قبيلة أو حزباً أو نقابة .. كلٌ مُجرَّمين ."ه
ه
وهل يجهل أي مواطن:ه
ه
"ان التحالف السلطوي الحاكم ، والانتهازي النفعي ، الذي سيّد مصالحه وهواه ومصالح أسياده على حساب المصالح الوطنية والقومية هو الذي يتحمل مسؤولية متلازمة الأزمات التي تعصف بنا، وأودت وتودي بانساننا وأرضنا بعد أن أصبحنا غرباء وجياع وعراة في وطننا . هذا التحالف البائس ليس لديه ما يقدمه سوى مواصلة نهج الهجوم الوقائي بالاقتصاص من الوطنيين والشرفاء الذين يقفون في وجه سياساته المدمرة والتابعة أفراداً كانوا أم جماعات . فلا غرو إن هو امتهن الاغتيال السياسي ، ولفق التهم ، وزور الحقائق ، وأفسد الذمم ، واصطنع الفتنة ، وجيش متعلقاته من البوم وخفافيش الظلام لهذه الأعمال الفظيعة ."ه
ه
ويكمن الزلزال الذي احدثته على صعيد الوعي في أمران: الأول انها حاولت إعادة تأكيده ليس في كواليس وجلسات بسيطة بل ضمن تحالفات استطاعت ان تجر اكبر تيار سياسي في البلاد واعني به تيار الحركة الإسلامية. وليس أن النظام تفاجأ بهذه الحقيقة إذ أنه يعمل منذ سنين جاهدا على تفاديها. على أن لا يصحى يوما امام استقطاب شعبي واسع ضده آخذه دائرته بالإتساع. ه
والثاني أن تيارا واسعا من مدعي الليبرالية فقد وزنه ومصداقيته امام الجماهير الشعبية حيث إنحاز لصالح السلطة وقمعها وانبرت اقلامه في مهاجمة البيان بصيغة تهكمية لا ترقى حتى لفهم ابجدياته. فكم بفتح نقاش مع الهيئات والأشخاص الذين تنادوا لكتابته. ه
ه
وفي هذا السياق، فالمفاجأة الأهم كانت للطبقات الوسطى في مجتمعنا التي تطور المشهد السياسي امامها بين ليلة وضحاها بشكل خارج عن سيطرتها والتقديرات المنمنمة لبعض شرائحها عن الواقع. وإذ ثمة مقاومة حقيقية تستعد لإنتزاع المبادرة من حكم استمرأ "التشبيح " و"البلطجة" واحيانا اخرى "الفهلوة" على الشعب وحركته الوطنية. ان يجد امامه مقاومة صادقة وجريئة قادرة على الأقل في المستوى المنظور على لجمه. ه
ه
كانت هذه بالفعل مفاجئة لهذه الشرائح الإجتماعية الوسطى والتي تعاملت معها بدورها على نحو متناقض، متفاجئ حتما ولكن أيضا متذبذب بحسب مواقعهم الإجتماعية ومقدار وعيهم. هذه الشرائح التي يتصدرها حاليا جمهور من الإنتهازيين ومن ادعياء اليسارية والقومجيين الزعلانين على ربهم. الذين حاولوا اعادة تثقيف نفسهم لكي لا يفوتهم قطار النيوليبرالية بكتب من قبيل "سبع خصال للشخصية الناجحة" أوالكتاب الذيع الصيت "من نقل الجبنة تبعتي" في إشارة واضحة لعقد انعدام الأمان الشخصي والإجتماعي الذي يطبع افراد هذه الشرائح الوسطى من موظفي حكومة وقطاع الخدمات المتضخم على انواعه. هذه الشرائح لا تملك غير راتبها ونتيجة للمنافسة العالية من سوق العمل وضمن البطالة العالية بين خريجي الكليات والجامعات، وتجزّء ظروف عملها من جهة اخرى إن لم يكن تدني مستوى تعقيده وتركيبه المهني فهذه الشرائح الوسطى سهلة الإستبدال في مكان العمل، مما يعمق احساسها بعدم الأمان وتصبح اكثر فأكثر عدوة ذاتها. ه
ه
فمَن من المواطنين لا يعرف أن: " ه
ه
"وعلى هذا النحو فلقد دأبت السياسات الحكومية الأردنية بثبات دائم ، فكان أن دعمت الغزو الأمريكية على العراق وما زالت ، ووقفت ضد المقاومة المسلحة في فلسطين ، وافتعلت المواجهة معها، وجعلت من نفسها خندقاً أماميا الى جانب بوش وعصابته في مقاومة ( الإرهاب ) ، ووضعت لها استراتيجية ( استباقية ) لهذا الغرض ، وتفاخرت بان شكلت قوات عاملة خارج الحدود ، وعززت سلطة وحكم أجهزة الأمن ، وأنكرت على الناس حقوقهم السياسية ، وشرعت وتشرع كل القوانين المضيقة والمصادرة للحريات والحقوق اللصيقة بشخص الإنسان ، وتتسابق مع ظاهرة بوش في تشريعات الإرهاب ، وتلغي أي دور أو إرادة للمواطنين والناس ، وتعتقل نواب الشعب وتجرمهم وتحرض عليهم دونما فعل جرمي الى الحد الذي يتأسى به الكيان الصهيوني المجرم ، بل وتجرم حميد الأخلاق ، وبما يجعل فعل العزاء عملاً مجرماً تتجاوز أثاره كل من له صلة بفاعله أسرة أو قبيلة أو حزباً أو نقابة .. كلٌ مُجرَّمين ."ه
ه
وهل يجهل أي مواطن:ه
ه
"ان التحالف السلطوي الحاكم ، والانتهازي النفعي ، الذي سيّد مصالحه وهواه ومصالح أسياده على حساب المصالح الوطنية والقومية هو الذي يتحمل مسؤولية متلازمة الأزمات التي تعصف بنا، وأودت وتودي بانساننا وأرضنا بعد أن أصبحنا غرباء وجياع وعراة في وطننا . هذا التحالف البائس ليس لديه ما يقدمه سوى مواصلة نهج الهجوم الوقائي بالاقتصاص من الوطنيين والشرفاء الذين يقفون في وجه سياساته المدمرة والتابعة أفراداً كانوا أم جماعات . فلا غرو إن هو امتهن الاغتيال السياسي ، ولفق التهم ، وزور الحقائق ، وأفسد الذمم ، واصطنع الفتنة ، وجيش متعلقاته من البوم وخفافيش الظلام لهذه الأعمال الفظيعة ."ه
ه
ويكمن الزلزال الذي احدثته على صعيد الوعي في أمران: الأول انها حاولت إعادة تأكيده ليس في كواليس وجلسات بسيطة بل ضمن تحالفات استطاعت ان تجر اكبر تيار سياسي في البلاد واعني به تيار الحركة الإسلامية. وليس أن النظام تفاجأ بهذه الحقيقة إذ أنه يعمل منذ سنين جاهدا على تفاديها. على أن لا يصحى يوما امام استقطاب شعبي واسع ضده آخذه دائرته بالإتساع. ه
والثاني أن تيارا واسعا من مدعي الليبرالية فقد وزنه ومصداقيته امام الجماهير الشعبية حيث إنحاز لصالح السلطة وقمعها وانبرت اقلامه في مهاجمة البيان بصيغة تهكمية لا ترقى حتى لفهم ابجدياته. فكم بفتح نقاش مع الهيئات والأشخاص الذين تنادوا لكتابته. ه
ه
وفي هذا السياق، فالمفاجأة الأهم كانت للطبقات الوسطى في مجتمعنا التي تطور المشهد السياسي امامها بين ليلة وضحاها بشكل خارج عن سيطرتها والتقديرات المنمنمة لبعض شرائحها عن الواقع. وإذ ثمة مقاومة حقيقية تستعد لإنتزاع المبادرة من حكم استمرأ "التشبيح " و"البلطجة" واحيانا اخرى "الفهلوة" على الشعب وحركته الوطنية. ان يجد امامه مقاومة صادقة وجريئة قادرة على الأقل في المستوى المنظور على لجمه. ه
ه
كانت هذه بالفعل مفاجئة لهذه الشرائح الإجتماعية الوسطى والتي تعاملت معها بدورها على نحو متناقض، متفاجئ حتما ولكن أيضا متذبذب بحسب مواقعهم الإجتماعية ومقدار وعيهم. هذه الشرائح التي يتصدرها حاليا جمهور من الإنتهازيين ومن ادعياء اليسارية والقومجيين الزعلانين على ربهم. الذين حاولوا اعادة تثقيف نفسهم لكي لا يفوتهم قطار النيوليبرالية بكتب من قبيل "سبع خصال للشخصية الناجحة" أوالكتاب الذيع الصيت "من نقل الجبنة تبعتي" في إشارة واضحة لعقد انعدام الأمان الشخصي والإجتماعي الذي يطبع افراد هذه الشرائح الوسطى من موظفي حكومة وقطاع الخدمات المتضخم على انواعه. هذه الشرائح لا تملك غير راتبها ونتيجة للمنافسة العالية من سوق العمل وضمن البطالة العالية بين خريجي الكليات والجامعات، وتجزّء ظروف عملها من جهة اخرى إن لم يكن تدني مستوى تعقيده وتركيبه المهني فهذه الشرائح الوسطى سهلة الإستبدال في مكان العمل، مما يعمق احساسها بعدم الأمان وتصبح اكثر فأكثر عدوة ذاتها. ه
ه
هذا العامل الإقتصادي-الإجتماعي رافد اساس في تفسير رعب افراد هذه الشرائح واحساسهم المزمن بعدم الأمان. فهم يتحسسون لو جرى اي تغير في وسط عملهم، مثل تغيير مدير اوحتى تغيير ثلاجة المية احيانا. فجأة هذه الشريحة اللي بالطبع بتهمر وبتوجع راسك اذا قعدت مع واحد منها قد ما بحكيلك عن شغله وقديش هوه مهم ومديره ما بستغني عنه والذي منه لحد ما بتتمنى إنك مدير لتلعن ابو اللي خلفه مثلا، المهم فجأه هذه الشرائح اللي معبية الدنيا كرافات في الأردن ، وعرط وتحليل سياسة - و"يا سيدي" - طلع كله هذا دويّد مش عن جد، وطلعت الصحف في اليوم الثاني في هجوم مقذع وشامل على البيان وموقعيه.ه
ه
هذه الشرائح كانت تجد ولفترة قريبه تعبيرها الأمثل والأقرب لسلم الوصول من خلال التيارالإسلامي ذاته. فالحكم كان يأتمنهم ويقدمهم على غيرهم في معظم الوزارات والجامعات والمدارس وغيره، وبهذا فهم يضمنوا الوظيفة والترفيع ، وأيضا عنبطة التفقهن والمشيخة ومسوح المعارضة. يعني صفقة رابحة عالجالين. ومن هذه الشرائح نمت قيادات التيار الإسلامي التقليدية في علاقتها وتنفعها مع السلطة، ونمت وتطورت على صعيد آخر هيكلية مؤسساتها وامكاناتها المالية والإجتماعية، وكانت دائما تسخرها بالفعل والقول وبأضعف الإيمان لخدمة الحكم وفي تبادل للأدوار واضح في كثير من الأحيان.ه
ه
وهكذا فلم يجف الحبر على البيان حتى قامت الحركة الإسلامية بلحس بزاقها. فبدأت قيادة الحركة ونخبها الراسخة في الشرائح الوسطى إياها في التنكر للبيان بدءاً من بيان نواب الحركة الذي صدر في ذات اليوم، واخيرا وليس آخرا بتصريح المراقب العام للإخوان المسلمين في الإردن الفلاحات الذي تنكر فيه للبيان وكاتبيه. بل ادعى أن البيان هاجم الحركة ذاتها ثلاث مرات. لقد ذكّرت مرارا أن نخب الحركة الإسلامية وقياديها في الأردن تحديدا ولأسباب لا مجال لشرحها ليسوا خيل الرهان في الصراع الديمقراطي في الأردن، أننا ندافع عن حقهم في التعبير لآنه جزء من صراعنا وقيمنا الديمقراطية ضد القمع وعنف الحكم وتسلطه، وهذا لا يعني اننا ندافع عن مواقفهم السياسية بالضرورة:ه
ه
من جهة اخرى، فالحركة الإسلامية وتحديدا جبهة العمل الإسلامي في الأردن فهي ليست بالحركة التي تؤتمن على" قيادة صراع ديمقراطي مطلبي. فهم لم يحركوا مظاهرة احتجاج واحدة في الشارع ضد غطرسة السلطة وقمعها، بل باتوا يعتصمون بـ"كل ادب" في مقراتهم ويحرقوا العلم الإسرائيلي من شبابيكها في الطابق الثاني أوالثالث! فأي حزب هذا وأيّ قيادة للصراع الديمقراطي هذه، واي تضامن مع شعبنا المناضل والمقاوم في فلسطين تمثله هذه النشاطات الصامتة والخجولة.هإن الخوف مرة اخرى أن ضغط السلطة في مواجهة موقف الإسلاميين الدفاعي المتهافت سوف ينتهي بتفاهمات مع قيادة الحركة الإسلامية تضمن تمرير ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب بإضافة بنود قمعية اجتماعية له ترضية لأجنحة في التيار الإسلامي وتغليب بعضها على بعض، بينما يعود بعض يسارنا بخفي حنين ."ه
ه
إن الغائب في هذه الأزمة وعن ازمة الصراع الديمقراطي والذي كان له أن يحسم تذبذب الشرائح الوسطى ويشكل العامود الفقري الذي يعيد لآفرادها ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم ويعلي روح التضامن بينهم، هذا الغائب الحاضر هو الطبقة العاملة وخلفها عامة الشعب من مزارعين وفلاحين وعاطلين عن العمل رجالا ونساء، والغائب تحديدا هو احزابها وحركاتها السياسية وهيئاتها النقابية. فبعض ممثليها يعملوا ليس لأن تكون طبقة فاعلة في التغيير السياسي والدفاع عن الوطن بل على اخراجها من السياسة.ه
ه
إن عدم قدرة نخبنا السياسية عموما على التواصل مع الطبقة العاملة مع الشغيلة في بلدنا يساهم في إبقاء مجاميع بشرية واسعة ونوعية في جذريتها في الأردن خارج الفعل والعمل السياسي ، ويرهن مستقبل الصراع السياسي الديمقراطي في الأردن والمنطقة لتذبذبات الطبقة الوسطى وجبنها المخبور. هذا البيان لكان تماما منطقي ومقبول وفي "محله" من قبل هذه الشرائح الوسطى وممثليها في التيار الإسلامي لو رافقه تحركات شعبية ضاغطة وواسعة في الشارع، عندها لوجدت قيادات الحركة الإسلامية من الذين تسابقوا في سحب توقيعهم عن البيان يتبارون في المزايدات على الكلّ. ه
ه
بالنسبة للحكم يبقى صدور البيان بهذا النص حتى برغم تراجع بعض الموقعين عنه هو ناقوص خطر. ومؤشر فشل لن يتسامح معه القصر مع حكومته وقد نكون مشرفين على تعديل اوتغيير قريب على هذا المستوى، فمن الآن يحاول القصر أن يتباعد عن خط الحكومة وينفس الإحتقان الحاصل في الأردن حيث قام باصدار بيان ادانة اليوم للهجوم الإسرائيلي على غزة، بعد أن ذهبت عدة ايام في التحضير للعدوان وبعد ان اودى باكثر من 30 قتيلا لغاية كتابة هذه السطور.ه
ه
وهكذا ومع إنهيار الموقعين من قيادة الحركة الإسلامية والتي لم تنقذ ولن ينقذ تهافتهم هذا مؤسستهم الأثيرة من براثن الحكم، فقد سبق السيف العذل. بينما سيبقى البيان ومن وقعه زلزال على مستوى الوعي ووميض يضئ فضاء المقاومة ولو للحظات في عتمة المهادنة المطبقة على المنطقة في هذا اللحظة.ه
ه
هذه الشرائح كانت تجد ولفترة قريبه تعبيرها الأمثل والأقرب لسلم الوصول من خلال التيارالإسلامي ذاته. فالحكم كان يأتمنهم ويقدمهم على غيرهم في معظم الوزارات والجامعات والمدارس وغيره، وبهذا فهم يضمنوا الوظيفة والترفيع ، وأيضا عنبطة التفقهن والمشيخة ومسوح المعارضة. يعني صفقة رابحة عالجالين. ومن هذه الشرائح نمت قيادات التيار الإسلامي التقليدية في علاقتها وتنفعها مع السلطة، ونمت وتطورت على صعيد آخر هيكلية مؤسساتها وامكاناتها المالية والإجتماعية، وكانت دائما تسخرها بالفعل والقول وبأضعف الإيمان لخدمة الحكم وفي تبادل للأدوار واضح في كثير من الأحيان.ه
ه
وهكذا فلم يجف الحبر على البيان حتى قامت الحركة الإسلامية بلحس بزاقها. فبدأت قيادة الحركة ونخبها الراسخة في الشرائح الوسطى إياها في التنكر للبيان بدءاً من بيان نواب الحركة الذي صدر في ذات اليوم، واخيرا وليس آخرا بتصريح المراقب العام للإخوان المسلمين في الإردن الفلاحات الذي تنكر فيه للبيان وكاتبيه. بل ادعى أن البيان هاجم الحركة ذاتها ثلاث مرات. لقد ذكّرت مرارا أن نخب الحركة الإسلامية وقياديها في الأردن تحديدا ولأسباب لا مجال لشرحها ليسوا خيل الرهان في الصراع الديمقراطي في الأردن، أننا ندافع عن حقهم في التعبير لآنه جزء من صراعنا وقيمنا الديمقراطية ضد القمع وعنف الحكم وتسلطه، وهذا لا يعني اننا ندافع عن مواقفهم السياسية بالضرورة:ه
ه
من جهة اخرى، فالحركة الإسلامية وتحديدا جبهة العمل الإسلامي في الأردن فهي ليست بالحركة التي تؤتمن على" قيادة صراع ديمقراطي مطلبي. فهم لم يحركوا مظاهرة احتجاج واحدة في الشارع ضد غطرسة السلطة وقمعها، بل باتوا يعتصمون بـ"كل ادب" في مقراتهم ويحرقوا العلم الإسرائيلي من شبابيكها في الطابق الثاني أوالثالث! فأي حزب هذا وأيّ قيادة للصراع الديمقراطي هذه، واي تضامن مع شعبنا المناضل والمقاوم في فلسطين تمثله هذه النشاطات الصامتة والخجولة.هإن الخوف مرة اخرى أن ضغط السلطة في مواجهة موقف الإسلاميين الدفاعي المتهافت سوف ينتهي بتفاهمات مع قيادة الحركة الإسلامية تضمن تمرير ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب بإضافة بنود قمعية اجتماعية له ترضية لأجنحة في التيار الإسلامي وتغليب بعضها على بعض، بينما يعود بعض يسارنا بخفي حنين ."ه
ه
إن الغائب في هذه الأزمة وعن ازمة الصراع الديمقراطي والذي كان له أن يحسم تذبذب الشرائح الوسطى ويشكل العامود الفقري الذي يعيد لآفرادها ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم ويعلي روح التضامن بينهم، هذا الغائب الحاضر هو الطبقة العاملة وخلفها عامة الشعب من مزارعين وفلاحين وعاطلين عن العمل رجالا ونساء، والغائب تحديدا هو احزابها وحركاتها السياسية وهيئاتها النقابية. فبعض ممثليها يعملوا ليس لأن تكون طبقة فاعلة في التغيير السياسي والدفاع عن الوطن بل على اخراجها من السياسة.ه
ه
إن عدم قدرة نخبنا السياسية عموما على التواصل مع الطبقة العاملة مع الشغيلة في بلدنا يساهم في إبقاء مجاميع بشرية واسعة ونوعية في جذريتها في الأردن خارج الفعل والعمل السياسي ، ويرهن مستقبل الصراع السياسي الديمقراطي في الأردن والمنطقة لتذبذبات الطبقة الوسطى وجبنها المخبور. هذا البيان لكان تماما منطقي ومقبول وفي "محله" من قبل هذه الشرائح الوسطى وممثليها في التيار الإسلامي لو رافقه تحركات شعبية ضاغطة وواسعة في الشارع، عندها لوجدت قيادات الحركة الإسلامية من الذين تسابقوا في سحب توقيعهم عن البيان يتبارون في المزايدات على الكلّ. ه
ه
بالنسبة للحكم يبقى صدور البيان بهذا النص حتى برغم تراجع بعض الموقعين عنه هو ناقوص خطر. ومؤشر فشل لن يتسامح معه القصر مع حكومته وقد نكون مشرفين على تعديل اوتغيير قريب على هذا المستوى، فمن الآن يحاول القصر أن يتباعد عن خط الحكومة وينفس الإحتقان الحاصل في الأردن حيث قام باصدار بيان ادانة اليوم للهجوم الإسرائيلي على غزة، بعد أن ذهبت عدة ايام في التحضير للعدوان وبعد ان اودى باكثر من 30 قتيلا لغاية كتابة هذه السطور.ه
ه
وهكذا ومع إنهيار الموقعين من قيادة الحركة الإسلامية والتي لم تنقذ ولن ينقذ تهافتهم هذا مؤسستهم الأثيرة من براثن الحكم، فقد سبق السيف العذل. بينما سيبقى البيان ومن وقعه زلزال على مستوى الوعي ووميض يضئ فضاء المقاومة ولو للحظات في عتمة المهادنة المطبقة على المنطقة في هذا اللحظة.ه
ووالبقية تتبع..ه