توالي مقتل وجرح الجنود الأردنيين..يجب وقف التورط الأردني المخزي في أزمة هاييتي

نقلت جريدة الرأي الأردنية اليوم مقتل اثنين وجرح آخر بجراح خطيرة من الجنود الأردنيين المنتشرين في هاييتي . وكان قد قتل جندي أردني آخر قبل نحو 3 اسابيع وتحديدا في 29/12/2005. إن استهداف الجنود الأردنيين ليس بالمصادفة بل إنه نتيجة حتمية لتورط الأردن في خدمة اهداف الأدارة الأميريكية ضد إرادة شعب هاييتي الذي يبلغ تعداد سكانها 8.5 مليون مواطن، تحت غطاء قرار مشبوه من مجلس الأمن.ه

ولكي لانتحدث في التعميمات فقد نشرت جريدة الجوردان تايمز البارحة، شوف الصدف، مقالة معقولة عن تاريخ وظروف تطور ألآزمة في هاييتي. وكون الجريدة تصدر باللغة الإنجليزية فهي موجهّة "للنخبة" وكمان للإستهلاك الخارجي، على اساس إنه "احنا شعب فعلا مش معني كثير بشو بصير بهاييتي، غير إنه هالجنود اللي ما إلهم شغل في الأردن ودخلو الجيش وممكن حطو واسطة تا يروحوا في أي مهمة للآمم المتحدة بلكي بقدروا يبنوا أوضتين زيادة عهالدار وبتجوزوا! بلكي بتسمحلهم الظروف وبوفروا قرشين نظاف! الحقيقة إنه القرشين الجايات من هالمهمة بالمرة مش نظاف، وتحديدا في ظرف هاييتي الحالي فإن ثمنهم غالي، غالي على الجنود المُغَرَّر بهم من قبل قياداتهم وعلى شعب هاييتي الذي يرفض الإنصياع لرغبات واشنطن.ه

أيها الأخوة، إن سمعة افراد الجيش الأردني في هاييتي في الحضيض، وإنهم متورطين في جرائم قتل وهتك عرض يندى لها الجبين، يجب على أي دولة محترمة التحقيق بها ومعاقبة القائمين. ثمة نحو 1500 جندي أردني في هاييتي ينتشر اكثر من نصفهم في منطقة سيتي سوليل، وهي المنطقة التي تعتبر القاعدة الشعبية للرئيس المنتخب آرستيد. التي قامت ادارة بوش الأبن بخلعه عن السلطة ضد إرادة شعب هاييتي من خلال دعم قوات من الجيش المنحل من كبار الفاسدين ومجرمي الحرب في نظام دوفالييه. ه

وكان قد أطيح بنظام هذا الأخير بإنتفاضة شعبية سلمّية عام 1991، تلتها إنتخابات ديمقراطية تم بموجبها إنتخاب الرئيس الحالي آرستيد، وهو كاهن مسيحي كاثوليكي، ونصب رئيسا للبلاد ، ليتبع ذلك إنقلاب دبر ضده من قبل الجيش ومدعوما من بوش الأب، عندما جاء كلنتون عقد صفقة بمباركة المؤسسات المالية ( صندوق النقد والبنك الدوليين) مع آرستيد بموجبها سمح له بالعودة لحكم بلادة. ولكن حال عودته لم يلتزم آرستيد بحرفية هذه الصفقة وقام بحل الجيش الذي قاد الإنقلاب عليه، ومارس سياسة اقتصادية مستقلة تضع مصالح الفقراء وليس البيزنس في المقدمة، فحرمته إدارة كلنتون من أي تعاون إقتصادي وأعاقة تسليمة اي من القروض الدولية لتنفيذ اي من مشاريعة الأقتصادية، مارست سياسة خنق وإفقار إقتصادية لنظامة الديمقراطي فاقمت أزمات البلاد الداخلية.

وعندما تبدلت الأدارة الأميريكية وجاء بوش الأبن، قام هذا الأخير بدعم عصابات الجيش المنحل من تجار المخدرات والضالعين بل المطلوبين لتورطهم بمجازر ضد شعبهم، وفي نفس السياق قامت جريدة النيويورك تايمز وتلتها بقية الجرائد الرئيسية الأميريكية بتقديم هؤلاء المجرمين كـ"أبطال بواسل" وهم يروعون شعبهم شعب هاييتي في معرض محاولتهم الإستيلاء على الحكم في العام الماضي! إذ جرى في النهاية إجبار الرئيس المنتخب آرستيد بالقوة على مغادرة البلاد، والذي كانت مكلفة بحمايته شركة حماية أمريكية جرى التعاقد معها من قبل حكومة هاييتي بعد حل الجيش. تسألت عندها، منذ متي والنيويورك تايمز تنحاز "للثوار" - المجرمين - وتقدمهم على هذا النحو البطولي؟! هذا التساؤول الذي دفعني للإهتمام وقتها بحقيقة ما يجري.ه

المهم إن وجود القوات الأردنية هو لقمع وإرضاخ شعب هاييتي لقبول رئيس من لدن قطاع البيزنس ومن مخلفات قيادة جيش الديكتاتور دوفالييه. إنه يجعل افراد هذه القوات هدفا شرعيا لمقاومة هذا الشعب ويهدد بمزيد من الضحايا إن أفراد الجيش الأردني باتوا متهمين إن لم يكن بالفعل ضالعين في العديد من الجرائم ضد هذا الشعب، إن تبعات هذه الجرائم خطيرة ولن يجب أن لاتمر بدون تحقيق فعلي ومحاسبة. لقد توجهت منذ نحو اسبوعين بعثة من كبار ضباط الجيش الأردني للتحقيق في الأمر، وعلى مجلس النواب وغيره من المؤسسات في الأردن أن تتحرك للتحقق من ذلك وإرسال بعثة مستقلة من قضاة ونواب والإطلاع على واقع الحال، ومحاسبة الفاعلين والذين يسيؤوا إلى سمعة الشعب الأردني والعربي عموما.ه

يجب وقف عمليات الإرتزاق المبتذلة للجيش، وتو ريط الأردن في مهمات عسكرية لتنفيذ قرارت دولية مشبوهة وتحت الرعاية الأميريكية وبالضد من إرادة شعب الدول المستهدفة بهذا التدخل. وخصوصا قرار يكرس الإطاحة برئيس منتخب إنتخابا حراً كالرئيس آرستيد.ه لقد بات واضحا خطورة مثل هذه القرارت التي تحول ابناء الأردن إلى مرتزقة عسكريين، وتؤمن دخول اضافية لمؤسسة عسكرية خارج رقابة الشعب الأردني ومجلس النواب. إن ضمانة حياة كريمة لكل مواطن هي مسؤولية الدولة الأردنية ويجب أن لاتتم، ولن تتم في الحالة الأردنية، على حساب كرامة ومصالح شعب آخر، يجب إعاد النظر في كل المهام الأممية المشاركة بها هذه القوات، وسحب قواتنا المشاركة في قمع شعب هاييتي فورا والتحقيق في الجرائم المرتكبة ومحاسبة الفاعلين علنا.ه