اخر عدد | الحوار المتمدن

١٦ كانون الأول ٢٠٠٥

أرقام في قانون الضريبة لعام 2006 وبعض الملاحظات الأخرى

الأرقام التالية من بعض الحسابات بحسب قانون ضريبة الدخل لعام 2006 اللي رفضه البرلمان مؤخرا لأسباب إجرائية دستورية. وقد أقرته حكومة بدران ودفعته مع ثلاثة قوانين أخرى للبرلمان في آخر إجتماع لها قبل إقالتها كقانون مؤقت بهدف الإسراع في إقراره. مستغلين إنهماك البلاد والعباد بتفجيرات 9 تشرين الثاني وبـ"الوحدة الوطنية" والذي منّه، يعني ناس بهناها وناس بعزاها!


وبحسب قانون ضريبة الدخل المعدل، فإذا كنت ذو دخل اكثر من 3000 دينار في الشهر - أصلا ممكن ما يكون لك دخل بهالمدونة من اساسه - المهم فإن ضريبة دخلك قد إرتفعت بنسبة 38% تقريبا. لكن الحكومة بتوعدك بتخفيض الضريبة على فئة الدخل اللي إنته منها خلال السنوات القادمة، ودخّلّوا لك هالوعد في القانون من هسّا(ع). يعني ممكن تكون منغاظ من نسبة الزيادة على الضريبة وبتصك عسنانك وبتتنفتر بالسكرتيرة وبتكشّر عالموظفين، ما إلك حق، أكيد واحد بدخلك عنده أراضي وعقارات وعنده شركات واسهم بغير شركات وكله إرتفع قيمته بنسب عالية هالسنتين المرقوا، وبعدين الأهم إنه دخلك الحقيقي بس الله بيعلم فيه ، يعني كل ما طلع دخلك عن فئة الـ 3000 إنته وحدك العالم، وصادق، ليش مين رح كذبك مثلا! ولراحتك رح نعرضلك مصايب اللي تحتك ، وأقصد فئات الدخل اللي اقل من فئتك إنته يا "كبير" بلكي بس بتشوف مصايب غيرك بتهون عليك مصيبتك، ..الله لايهون ه

هلا فئة اللي دخله حوالي 2000 دينار في الشهر، هذولا انقرصوا كمان، وزادت قيمة ضريبة الدخل عليهم بنسبة 69% ، مش خبرية، والله بعرف يعني بكفي خادمة منزل وحدة، وبلا من هالسيارة الجديدة للولد، وفكر ادور عشغل برا، بس بتضل محمولة وما في احسن من بلده الواحد، وخصوصا لما تشوف مصيبة اللي تحتك اللي بعدك

فئة اللي دخلهم الشهري 1000 دينار عمليا رح ينكحشوا رسمي من فئة " مستور" ضريبة دخلهم رح ترتفع بنسبة 250% تقريبا، ومعهم اللي دخلهم 800 دينار في الشهر وبنسبة زيادة 170% يعني هذولا اللي في الفئتين ، إذا اهملنا العرط، في مجموعهم يشكلوا ما يعرف إصطلاحا الطبقة الوسطى، وهي هواة - ضربة - مانعة إلهُم، ودفشة بإتجاه الطبقات متدنية الدخل.

فقد تم عصر هذه الفئة مع الفئات محدودة الدخل من كادحين وفقراء في العقد الأخير من "برنامج التصحيح الإقتصادي" تم عصرها بين مطرقة إعادة هيكلة الضرائب في الأردن، ضريبة الدخل وضريبة المبيعات وغيرها من الضرائب الأخرى بحيث تشكل هذه الضرائب أحد أهم مصادر دخل الموازنة، أما السندان - بالعادة فيه مطرقة وفيه سندان - فهو ما تقوم فيه الدولة من إعادة توزيع الدخل الوطني ويشكل السمة العامة له إنسحاب الدولة من قطاع التعليم والصحة والخدمات الأخرى التي كانت تهيئها اوتدعمها للمواطنين . بمعنى أن الضرائب كانت تذهب في جزء منها في السابق لدعم الخدمات الأساسية للموطنين وهذا أختلف مؤخرا لصالح تقديم الهبات للمستثمرين بينما مساهمة المواطنين من الطبقات الوسطى والمتدنية في حجم دخل الحكومة قد تزايدت بوتيرة عالية كما رأينا أعلاه!

فالحكومة باتت توزع الدخل القومي بإتجاه ما يسمى - عهراً - بـ"تشجيع الإستثمار" وهو عبارة عن هبات مقوننة تقدمها الحكومة للمستثمرين، فلا هم مستثمرون إذ أن المؤسسات التي اشتروها كانت موجودة وناجحة قبل مجيئهم وبتصرف على إعيل (عائلات) تم بيعها لهم بثمن بخس بإشراف نخبة من الفاسدين الذي كان على أي دولة ديمقراطية ان تحقق في "ثرائهم غير المشروع". على العكس قامت بسجن واصدار حكم بالإعدام وبتهم ملفقة في الثمانينات وبداية التسعينات على من رفعوا راية مكافحة الفساد والمسؤولين عنه والذين قادوا البلاد والعباد لفخ المديونية.

إن مثال آخر لهذه الهبات هو ما يسمى السياسة النقدية للدولة، فقراءة للوصلة التالية ترى أن الدولة من خلال البنك المركزي تصدر ما يسمى أدوات الدينار، وهي الوسيلة التي تقوم الدولة من خلالها بالإقتراض من السوق المحلي، وتحديدا من البنوك المحلية ومن جهة أخرى يساعدها على ضبط السوق المالي.

المهم أن ما تراه في الوصلة أعلاه هو سعر الفائدة المرتفع الذي تقترض فيه الحكومة والذي يتراوح من 6.15% و 7.35% بحسب المدة، المهم أن هذه الأدوات والتي تمثل دين على الدولة هي بمثابة سندات في يد المدين\البنك تحمل قيمة القرض المدعوم من البنك المركزي إضافة للفائدة التي تتراكم عليه خلال مدة هذا القرض. إن البنوك تستعمل هذه السندات في التبادل المالي فيما بينها كما تستعمل النقد تقريبا وكأنها لم تقرض الدولة، بمعني أن هذه البنوك تأخذ فائدة الدين من الدولة وتقدم للدولة النقد الذي تحتاجه للصرف وتأخذ بديلا عن ذلك سند بقيمة الدين مع فوائده، هذا السند تستعمله مثل النقد في مبادلاتها النقدية كون هذه السندات مكفولة مثل ورقة الدينار أو غيرها من الورقات النقدية من قبل البنك المركزي ذاته.

هذا بالطبع ليس اكتشاف جديد فهو جزء اساس من عمل الدولة الرأسمالية وعملية إعادة توزيع الدخل القومي الذي يتم لصالح المستثمرين واصحاب البنوك دوما والدين العام للدولة أداة هامة في هذه العملية، حتي بريطانيا في عفران هيمنتها على العالم كانت دولة مديونة وتستعمل دينها العام في إعادة توزيع الدخل الوطني لصالح الطبقات الرأسمالية ولكي تضمن بشكل حاسم حظوظها وثرواتها. الولايات المتحدة الأميريكية مثال آخر على هذا الصعيد وواضح في غنى سوق الأدوات المالية التي تصدرها والتي تتحكم فيها ليس في السوق الأميريكي فحسب بل والعالمي.

ومن هنا فِإن تبني دولة مثل الأردن لهذه السياسات المالية النقدية الرأسمالية، يخدم بالأساس هذه الفئة من اصحاب البنوك الرأسماليين، ويزيد من تقليص الخدمات المقدمة للفئات المحتاجة ومحدودة الدخل إلا على شكل إعانات ومنح تسمى "مكارم" وليس ضمن قوانين تضمن حقوقهم، تبقي الرسن مشدود على هذه الطبقات الشعبية وفقظ بـ"الشكر تدوم النعم." إن هذه السياسات التي تساهم في تفاقم الفوارق الإجتماعية والطبقية لاتخدم وليست عاملا في أي سياسة تطور اقتصادي مستقل. حري بالقول أن اعجوبة التطور الآقتصادي في كوريا الجنوبية قامت من خلال وضع الحكومة يدها على البنوك والقطاع المالي في كوريا الجنوبية وليس ما تقوم به الأردن حاليا.

هناك تعليقان (٢):

غير معرف يقول...

شكراً

غير معرف يقول...

عفوا