٣٠ كانون الأول ٢٠٠٩
ما لم يعرفه دارون
٢٦ كانون الأول ٢٠٠٩
٢٤ كانون الأول ٢٠٠٩
٢١ كانون الأول ٢٠٠٩
الى متى تستمر هذه الجرائم
عن موقع مراقبة حقوق الانسان:ه
On August 12, the Jordan Times reported the 14th such killing this year, of a 16-year-old girl by her 39-year-old uncle to "cleanse his family's honor." He shot the girl after learning that his sons had raped her and that she had a child by one of them. Under Jordanian law, murder of a relative believed to be engaged in extramarital sex carries a reduced sentence.
١٨ كانون الأول ٢٠٠٩
تحية للطلاب في انتخابات الجامعة الاردنية
١٧ كانون الأول ٢٠٠٩
اذا فيه شي بده توضيح؟
It was George Tenet, then director of the CIA, who first described to me Kheir's brilliance as an operator. I asked Tenet in 2003 if any foreign intelligence services had been especially helpful against al-Qaeda, and he answered instantly, "The Jordanians," and continued with Tenetian enthusiasm, "Their guy Saad Kheir is a superstar!
يبدو كاين عليه طلب في النمسا
١٦ كانون الأول ٢٠٠٩
شكل حكومته ومد ايده يهنونه
١٠ كانون الأول ٢٠٠٩
الرفاعي ..اشتري واحد والثاني ببلاش!
٢ كانون الأول ٢٠٠٩
اسرائيل تسحب حقوق الاقامة في القدس من الآف العرب في العام الماضي
٢٧ تشرين الثاني ٢٠٠٩
الملك يتخلص من برلمانه العورة..
٢١ تشرين الثاني ٢٠٠٩
١٠ تشرين الثاني ٢٠٠٩
السعودية والحوثيون
١ تشرين الثاني ٢٠٠٩
٢٧ تشرين الأول ٢٠٠٩
٢٥ تشرين الأول ٢٠٠٩
- ادين الاعتداء الرخيص على المناضل ليث شبيلات. الاعتداء بقدر ما يمثل من خطر على شخص الليث شبيلات يمثل خطر اكبر على تطورات الصراع السياسي في الاردن. استنكار الحكومة ونأيها بنفسها عن هذا الحادث غير مقبول وخطر. يجب الكشف باسرع وقت عن الفعلة ومحاكمتهم محاكمة عادلة لكي لا يفتح الباب على كافة انواع التأويلات. هذا الاعتداء لم يضعف ليث شبيلات والمعارضة في الاردن بل كشف عن رخص النظام واجهزته واستهتارهم بحياة المواطنين وبالقوانين التي فعلوا كل شئ لكي تكون في صالحهم.
- كتاب ناهض حتر "يساري اردني على جبهتين" لم اقرأ الكتاب بعد. قرأت فقط المقدمة وعندي الكثير من النقد على المقدمة سواء في المنهجية اوفي طبيعة المعلومات المقدمة. كما انني لست من معجبي هذا الكاتب الممسوس بالاقليمية والذي يرى في حكم صدام حسين الـكارثة في العراق نموذجا "تحرريا". هذا لا يعني انني اؤيد منع الكتاب اي كتاب. كما انني ادين ان يكون ثمة هيئة تقوم بمثل هذه الفعلة الشنعاء من منع الكتب وتحديد ما ينشر اوما لايستحق النشر. انها هيئة حري باعضاءها ان بتبرأوا من مثل هذه وظيفة. بالنهاية انه شرف للكتاب ان يتم منعه من قبل هكذا هيئة وتحت هكذا نظام سياسي، لكن اللي باعصني في هذا المنع بالذات انه شرف لا يستحقه ناهض حتر.
٢٣ تشرين الأول ٢٠٠٩
١٩ تشرين الأول ٢٠٠٩
ليش احراج المفتي؟!
- في حملة في الاردن لوقف الانفاق الحكومي، وحملة مش بس محمومة بل يائسة حيث بلغ الامر الاسبوع الماضي بوكالة الانباء الاردنية ان تسأل المفتي العام عن رأي الشرع في عدم التوسع في الانفاق الحكومي. وبالرغم من ان السيد نوح افتي في موضوع آخر عام ويختلف عمّا تمنى عليه السائل، الا ان هذا الاخير قام بتلخيص موقف المفتي كما يريد، اوتريده الحكومة، وبشكل يظهر الشيخ وكأنه من دعاة الليبرالية الجديدة مثلا..
- انا بالرغم من ذلك مش فارق معي موقف المفتي الدعوي، ولا بعتقد انه الحكومة مفلسة في تقديراتها الاقتصادية بحيث لم يبقى امامها سوى موقف الشرع، والنكتة انه وزير المالية الحالي من عائلة مسيحية، فهل سيسأل احد خوارنة الروم مثلا.. واذا ما زبطش معه لا موقف الروم ولا الشرع فهل يعني ذلك انه ما ظل علينا غير الفتحات؟
- كما وعدتكم ورغم النكتة المأساة اعلاه، الا ان دور المفتي هو في تمرير موقف ما "رسمي" للمستمعين والقراء. والحكومة ليست بحاجة حقيقة لاستنباط سياساتها الاقتصادية منه. ويبقى الاهم، والذي بات واضحا، ان الحكومة مع تراجع مداخيلها سواء في تراجع تحويلات المغتربين الحالية والمؤملة، وانكماش الصادرات والتحويلات الخارجية من مساعدات وديون وارتفاع عجز الميزان التجاري في الاشهر التسعة الاولى من العام الحالي الى مستوى خطر، مرفقا بارتفاع حجم المديونية الى مستويات لم تبلغها من قبل.
- عجز الميزان التجاري يعني الواردات اعلى من الصادرات. واذا الحكومة اوالمجتمع بنفق دنانير اكثر يعني استيراد اكثر، مما يعني الحكومة مضطرة تعطي عملة صعبة مقابل كل دينار بيشتري سلعة خارجية - مستوردة صينية اوغيره- وكونه موارد الاردن من العملة الصعبة في تراجع لاسباب كثيرة منها: اصحاب الرساميل اموالهم في الدولار وفي الخارج على الاغلب خوفا من الازمة الاقتصادية على الدينار. وتراجع عائدات المغتربين لانه معظمهم يا عم بروحوا على البلد اواجورهم عم تدنى في بلاد اغترابهم، اما الصادرات فهي للاسف في جلها اعادة تدوير للواردات مع اشوية تزيين. او من مواد خامة تراجع الطلب عليها وفي المحصلة كلها باتت بيد المستثمرين وحساباتها في الدولار وبحسابات مش بالضرورة في الاردن حيث القوانين الاردنية لا تمانع في ذلك.
- وعليه فأن نضوب خزينة الدولة من العملة الصعبة سوف يهدد سعر صرف الدينار وهذا امر لا تحبذه الدولة لاسباب لا مجال للخوض فيها الآن
- تراجع الانفاق الحكومي ليس جديدا فهو مستمر من فترة ويدفع فاتورته ذوي الاجر المحدود وهذا ايام ما كانت الامور كما يرام فكيف الآن مع الازمة الاقتصادية العالمية
- المضحك المبكي ان الحكومة تبرر تقليص الانفاق بالازمة الاقتصادية العالمية الذي وعد وزير المالية السابق ابوحمور ان الاردن سوف يستفيد من هذه الازمة وستكون نتائجها ايجابية على الاردن! هذا يدل على مدى عدم تحوط الحكومة وضعف استعدادها لمواجهة الازمة الاقتصادية العالمية ودرء مخاطرها.
- والاخطر فيما تقدم ان ما تقوم به الحكومة قد لا يعطي نفعا، بل قد يكون اخطر مما تعتقد. القطاع الصناعي يطالب بتخفيض الفائدة على الدينار ايضا وهذا قد يقود لضغط مضاعف على قيمة الدينار خصوصا اذا كانت قيمة المخزونات المحلية عالية عند التجار والمستوردين حيث لم يتم تصريف العديد منها اصلا بشكل كبير خلال الفترة السالفة.. قد تجد الحكومة مضطرة للتدخل مباشرة في السوق اذا فشلت في اجبار التجار على خفض الاسعار، خصوصا ان الاستيراد متراجع لنضوب الاعتماد المتسارع من قبل البنوك..حبيبي
- قد تجد الحكومة نفسها مضطرة لنزع رداء السياسات النيوليبرالية والتدخل بشكل فض في السوق للحفاظ على استمرارها لكنه تدخل له مخاطره والخوف ان مساحة المناورة امامها محدودة جدا نتيجة لطبيعة الاتفاقات الدولية التي كبلت نفسها بها طوال العقود السابقة ..
- اما فيما يخص التقارب التركي - السوري فانا اعتقد عكس ما يعتقده البعض. ان هذا التقارب هو باتجاه الضغط على المسألة الكردية واحتواءها وهو في اقل تقدير بماركة ايران وليس بالضرورة ضد رغبات هذه الاخيرة، وليس لان دمشق كما يعتقد البعض على طريق التفارق مع طهران. فالنظام السوري ليس بصدد مثل هذا التحول الجذري وهو لا يغير تحالفاته بسهولة. والتفجير الذي استهدف وزارة الخارجية - وزير منطقة الحكم الذاتي الكردي وكذلك قسم كبير من كادر الوزارة - وهو الذي استخدم في توتير العلاقات مع سوريا وتبادل الاتهامات معها.
- هذا التوتر الناتج بين العراق وسوريا بحكم هذه التطورات قد تجلوه طبيعة الاصطفافات والتحالفات الانتخابية بين الكتل في المجتمع العراقي في المرحلة المقبلة. حاليا تحاول السعودية ان تعمقه بينما لا يفوت دمشق ان تقبض فاتورته ولو جزئيا في المرحلة الحالية من السعودية وحلفائها.
١٥ تشرين الأول ٢٠٠٩
٨ تشرين الأول ٢٠٠٩
٥ تشرين الأول ٢٠٠٩
الجزيرة: الشريط الذي اجبر عباس على تأجيل البحث في تقرير جولدستون
٤ تشرين الأول ٢٠٠٩
لماذا وافقت السلطة الفلسطينية على تأجيل مناقشة تقرير جولدستين عن جرائم الحرب الاسرائيلية في غزة
وقال أهالي الضحايا خلال مؤتمر صحافي في أعقاب الاعتصام إنهم يتطلعون ليروا قادة اسرائيل «يحاكمون على الجرائم التي ارتكبوها امام المحاكم الدولية». واعتبروا أن «تأجيل البت في تقرير غولدستون ليس من مصلحة الشعب الفلسطيني». واستنكر أهالي الضحايا قيام السلطة «بتأجيل بحث لجنة حقوق الإنسان لتقرير غولدستون، ووصفوا القرار بأنه «ضربة قاسية لأهالي الشهداء والجرحى ولآلاف الأسر المشردة التي لا تجد مأوى لها».
وانتقدت «الجبهة الديموقراطية» طلب تأجيل التصويت حول تقرير غولدستون، ووصفت ذلك بأنه «مخجل وغير مسؤول ويقدم خدمة مجانية للسياسة العدوانية لحكومة الاحتلال ويشجعها على ارتكاب مزيد من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، والتحضير لعدوان جديد يمكن أن يطاول بآثاره المدمرة كلاً من لبنان وقطاع غزة».
ورأى القيادي في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» حسين الجمل أن طلب السلطة «يؤكد وجود مفاوضات سرية وراء الكواليس». واعتبر أن «موقف السلطة يدعو للريبة والشك، وستكون له تداعيات خطيرة على مستقبل العلاقة بين السلطة وفصائل العمل الوطني والإسلامي، وربما يؤثر على مستقبل الحوار الوطني الفلسطيني الشامل الذي يتوقع عقده الشهر الجاري».
كما أعربت «المبادرة الوطنية الفلسطينية» عن «استهجانها ورفضها» تأجيل للتصويت على التقرير «على رغم توفر ضمانات كاملة بوجود أغلبية داخل مجلس حقوق الإنسان لإقرار هذا التقرير غير المسبوق الذي يثبت ارتكاب اسرائيل جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني».
بدورها، أعربت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية عن «صدمتها واستنكارها لموقف السلطة الفلسطينية بطلب تأجيل تصويت مجلس حقوق الإنسان في جنيف على تقرير غولدستون». واعتبرت الشبكة أن «طلب السلطة الوطنية بالتأجيل يقدم خدمة مجانية لمجرمي الحرب الإسرائيليين ويساعدهم في محاولاتهم الإفلات من تبعات جرائمهم، لا سيما في ظل عدوان إسرائيل المتكرر وتصعيد سياستها الاستيطانية والتوسعية في القدس وبقية الأراضي الفلسطينية».
٣ تشرين الأول ٢٠٠٩
٢٦ أيلول ٢٠٠٩
هوشات في الجامعات في المستشفيات وفي المدن والقرى
٢٥ أيلول ٢٠٠٩
إبن باز وجمعية الارض المنبسطة
٢٣ أيلول ٢٠٠٩
في البرنامج الإستراتيجيّ للنضال التحرريّ الفلسطينيّ
فالإستراتيجيّة العقلانيّة تقتضي، أولَ ما تقتضيه، تحديدًا دقيقًا للعقبة الرئيسة أمام مشروعها، بمعنى تحديد العدوّ الأساس وتحديد نقاط الضعف لديه. وأما العدوّ الأساس فكان جليّاً للحركة القوميّة في أيّام عبد الناصر أنه لا يقتصر على الكيان الصهيونيّ، بل يشمل الإمبرياليّةَ الأميركيّةَ التي ترعاه، والأنظمةَ العربيّةَ التابعة لها أو المتواطئةَ معها. وفي الطوق العربيّ-الإسرائيليّ المفروض على شعب فلسطين، يشكّل النظامُ الأردنيّ الحلقةَ الأضعف نظرًا إلى التركيب السكّانيّ للمملكة الهاشميّة حيث توجد غالبيّةٌ من الفلسطينيين، ناهيكم بأنّ أكثريّة "الشرق أردنيين" تتغلّب لديها المشاعرُ القوميّةُ المضادّة للصهيونيّة وللإمبرياليّة على النعرات القطْريّة الضيّقة التي يرعاها النظامُ الملكيّ. وعليه، فإنّ تحويل عمّان إلى هانوي عربيةٍ شرطٌ لا بدّ منه لكي يجدي الكفاحُ من أجل تحرير الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة سنة 1967 ــ وهذا هو الشقُّ الأوّلُ من الإستراتيجية. (ومن البديهيّ، في سياق الأفق الإستراتيجيّ المشروح هنا، أن تعمل أجزاءُ الشعب الفلسطينيّ كلّها في الشتات على أن تنصهرَ في النضالات الوطنيّة والطبقيّة في بلدانِ إقامتها، إسهامًا في خلق "هانوياتٍ" عربيّةٍ أخرى، بدلاً من الانعزال عن تلك النضالات تحت أيّ حجةٍ كانت).
مجلة الآداب » 9-10-2009 »
إنّ مسألة الأفق البرنامجيّ لحلّ المعضلة الناجمة عن الاستيطان اليهوديّ الصهيونيّ ـ الاستعماريّ في فلسطين لهي معضلةٌ تواجه النضالَ التحرريّ الفلسطينيّ منذ أن بات جليّاً أنّ الحركة الصهيونيّة ترمي إلى انتزاع الأرض لخلق دولتها، وبعد أنْ جمعتْ من العدد والقوة ما جعل ذلك الهدفَ قابلاً للتحقيق. فقد انقسمت الحركةُ الفلسطينيّة مبكّرًا إلى فئتين من حيث برنامجُ التصدّي لمشروع الدولة اليهوديّة الصهيونيّ:
* فئة يمْكن نعتُها بـ "القَصْويّة" (maximalism). وقد التقى فيها القوميّون العرب المتشدّدون والسلفيّون الإسلاميّون، وكان ممثِّلُها الأبرز هو المفتي محمد أمين الحسيني، الذي يجسّد القاسمَ المشتركَ بين التيّارين المذكورين. أما برنامجُ تلك الفئة فقد كان، بكلّ بساطة، طردَ جميع اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين بعد بداية السيطرة البريطانيّة ووعدِ بلفور في سنة 1917، من دون استثناء المولودين في فلسطين تحت الانتداب. وكان دعاةُ هذا الموقف ينادون بتحرير وتوحيد كامل الأرض الفلسطينيّة التي استولى عليها البريطانيّون بموجب اتفاقيّة سايكس ـ بيكو وقسّموها بحيث خلقوا دويْلةً تابعةً لهم في شرق فلسطين أطلقوا عليها اسمَ "إمارة شرق الأردن" (وقد تحوّلتْ في ما بعد إلى "المملكة الأردنيّة الهاشميّة" وبات يُطلق عليها اسمُ النهر، أي "الأردن،" مع أنّها جَمعتْ شرقَ فلسطين مع قسمٍ من غربها لم يُحتلّ سنة 1948، على ضفّة النهر الغربيّة). وطبعًاً، كان أنصارُ الموقف القَصْويّ يدعون إلى تحرير فلسطين كاملةً، أيْ ضفّتي النهر غربًا وشرقًا، في إطار السعي إلى تحرير كامل الأرض العربيّة التي استولى عليها البريطانيّون والفرنسيّون وقسّموها، وإلى إقامة دولةٍ عربيّةٍ موحّدة.
* أما الفئة الثانية فكان يلتقي فيها الاستقلاليّون الليبراليّون والشيوعيّون. وقاسمُهم المشتركُ السعيُ وراء برنامجٍ يأملون في أن يقْبلَه قسمٌ مهمُّ من المستوطنين اليهود، سواءٌ كان أملُهم نابعًا من منطلق الرفض الأمميّ لفكرة التهجير القسريّ (الشيوعيّون) أو من منطلق الواقعيّة السياسيّة وإدراكِ موازين القوى مع انعدام الرغبة والمصلحة في تغييرها بأساليبَ ثوريّة (الليبراليّون). وهؤلاء جميعًا كانوا يُقرّون بالحدود التي رسمها الاستعمارُ، بما فيها الدولةُ الأردنيّة، ويحْصرون المسألة في ما أسماه البريطانيّون "فلسطين" بالاقتصار على الأرض الواقعة بين النهر والبحر. فكانوا ينادون بدولةٍ ديموقراطيّةٍ يتعايش فيها العربُ واليهودُ، دولةٍ فلسطينيّةٍ ثنائيّةِ القوميّة، تمنح اليهود كقومٍ مؤسّساتَهم الثقافيّةَ الخاصّةَ بهم، وحصّةً مضمونةً في المؤسّسات المشتركة التمثيليّة على قاعدةٍ فدراليّة، أو على غرار التركيبة اللبنانيّة مع فرقٍ جوهريّ: هو أنّ العرب واليهود مجموعتان إثنيّتان ـ ثقافيّتان، لكلٍّ منهما لغتُها (أيْ إنهما قوميّتان بالمحصّلة). وقد تمثّل هذا البرنامجُ بـ "الكتاب الأبيض" البريطانيّ، ومن بعده بمشروع الحلّ الذي قدّمته جامعةُ الدول العربيّة في العام 1946. وقد أُجهض المشروعان بسبب رفضهما من قِبل الحركة بقيادة المفتي من جهة، والحركة الصهيونيّة من الجهة الأخرى.
***
بعد النكبة، بقيت الحركة العربيّة المناهضة للمشروع الصهيونيّ منقسمةً بين موقفٍ قصْويّ، مثّله المفتي، ويدعو إلى تحرير فلسطين بطرد اليهود منها؛ وموقفٍ رسميّ تبنّاه جمال عبد الناصر، ويدعو إلى دولةٍ ديموقراطيّةٍ في فلسطين يتعايش فيها العربُ واليهود، لكنْ من دون بُعد الثنائيّة القوميّة، بل بأفق التعايش على أساس المساواة في الحقوق الفرديّة لا غير.1 أما الحركة الفلسطينيّة فكانت هي أيضًا متشبّثةً بالموقف القصْويّ، سواءٌ تجلّى في ميثاق منظمة التحرير عند تأسيسها سنة 1964 أو في مواقف حركة فتح. ولم تتبدّل المواقفُ إلاّ بعد هزيمة 1967، وتبعها تجذّرٌ في عموم المنطقة العربيّة لسنواتٍ قليلة، انعكس فلسطينيّاً بصعود منظّمات الكفاح المسلّح ومن ثم سيطرتها على منظّمة التحرير.
فمنذ العام 1968 أخذت أطروحةُ "الدولة الديموقراطيّة" تزداد نفوذًا في صفوف الحركة الفلسطينيّة، سواءٌ تفوّه بها بعضُ قادة فتح كصلاح خلف (أبو إيّاد)، أو عبّر عنها اليسارُ الوطنيّ الفلسطينيّ المتمثّل في الجبهة الشعبيّة بقيادة جورج حبش، علمًا بأنّ تصوّر الدولة الديموقراطيّة في الحالتين كان محصورًا في حدود التصوّر الناصريّ، باستثناء الجبهة الشعبيّة الديموقراطيّة (المنشقّة عن الجبهة الشعبيّة) بقيادة نايف حواتمة. ففي العام 1969 تقدّمت الجبهةُ الديموقراطيّة بمشروعٍ ينصّ على إقامة دولةٍ ديموقراطيّة شعبيّةٍ يكون فيها لكلٍّ من العرب واليهود حقُّ تطوير ثقافتهم الوطنيّة. وذهب حواتمة إلى أبعد من ذلك في مقالٍ نُشر في العام التالي، داعيًا إلى دولةٍ عربيّةٍ ـ يهوديّةٍ فدراليّةٍ على طراز يوغسلافيا أو تشيكوسلوفاكيا. ثم ما لبث أن انعطفَ وتنظيمُه نحو تبنّي حلّ الدولتين (أو تحديدًا الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينيّة في الأراضي المحتلّة سنة 1967 بعد تحريرها) ممهِّدًا الطريقَ أمام قيادة فتح، التي تبنّت الموقفَ ذاتَه بدورها، ثم تبنّته رسميّاً منظّمةُ التحرير بدءًا من العام 1974.
***
واليومَ، وأمام الانحطاط الراهن للنضال الفلسطينيّ، والفشلِ الذريعِ الذي أصاب كافّةَ فصائله (بما فيها حركةُ حماس التي يحتاج المرءُ إلى درجةٍ عليا من العمى للإيمان بنصرها الإلهيّ في قطاع غزّة المقهور)، فإنّنا نجد مَن يرى الخلاصَ الفلسطينيّ في تبنّي برنامج "الدولة الديموقراطيّة" بحلّةٍ جديدةٍ وطريفة. فالدعاة الجدد ــ سواء دعوْا إلى دولةٍ ديموقراطيّةٍ على أساس المساواة البحتة بين الأفراد العرب واليهود أو على أرضيّة المساواة بين مجموعتين إثنيتيّن ـ قوميتيّن (عربيّة ويهوديّة ـ إسرائيليّة أو عبريّة) ــ تكمن طرافةُ دعوتهم في أنها لا تقوم على التحرير المسلّح على غرار ما جاء لدى الدعاة القدامى من عبد الناصر إلى برنامج 1974 لمنظّمة التحرير (برنامج النقاط العشر)، فكيف بهم يعودون إلى مثل هذا المنظور في زمن الانحدار هذا؟! بل يدعو الدعاةُ الجددُ إلى حملةٍ دعائيّةٍ عالميّةٍ مصحوبةٍ بنضالٍ جماهيريّ، الغايةُ منهما جرُّ الإسرائيليين إلى القبول بإعادة توحيد فلسطين في حدود الانتداب البريطانيّ، أيْ من النهر إلى البحر، على قاعدة المساواة العربيّة ـ اليهوديّة، وعودة اللاجئين.
ومع كلّ التقدير للعرب واليهود الإسرائيليين وغير الإسرائيليين الذين صاغوا ودافعوا عن هذا المشروع الأخير، معبّرين عن اشمئزازهم من الحالة المزرية التي بلغها النضالُ الفلسطينيّ، وعن فقدانهم الأملَ في إمكان تفكيك المستعمرات اليهوديّة في "الضفّة الغربيّة" وإقامة "دولةٍ مستقلّةٍ" فيها، فإنه مشروع يستحقّ تمامًا نعتَه بالطوبويّ (اليوطوبيا). وليست اليوطوبيا بشتيمةٍ، بل لا بدّ من يوطوبيا في تحريك التقدّم التاريخيّ كما شرح الفيلسوفُ الماركسيّ إرنست بلوخ. ولم يكن الاشتراكيّون الطوبويّون إلاّ أناسًا اشمأزّوا من حالة الإفقار المزرية التي رافقتْ بداياتِ الرأسماليّة في أوائل القرن التاسع عشر، وصاغوا مشاريعَ اجتماعيّةً قائمةً على أنماطٍ اشتراكيّةٍ أو شيوعيّةٍ من نسج الخيال، ظانّين أنّ تحقيق نماذجَ عنها سيؤدّي إلى انتشارها بقوة المثال، بحيث يفضي الانتشارُ إلى تغيير المجتمعات وتحقيق اليوطوبيا. وقدّر ماركس وإنغلس الاشتراكيين الطوبويين تقديرًا عاليًا، بل استوحيا من بعض بِدَعهم، لكنهما حذّرا من الانجرار وراء أوهامهم التي تقود إلى الطريق المسدود والإحباط، لا محال. وهذا أيضًا ينطبق على مشروع "الدولة الواحدة": فهو خياليٌّ بكلّ وضوح ــ وكيف يظنّنَ أحدٌ أنّ جرّ الإسرائيليين إلى التخلّي عن "دولة اليهود،" التي هي العمودُ الفقريّ لإيديولوجيّتهم، من أجل دولةٍ مشتركةٍ ومساوتيّةٍ مع كافة العرب الفلسطينيين، غايةٌ واقعيّة؟ (هذا لو افترضنا جدلاً أنّ فلسطينيي أراضي 1967 والشتات توّاقون إلى العيش في دولةٍ واحدةٍ مع أناسٍ اضطهدوهم أشدَّ اضطهاد، ويتفوّقون عليهم تفوُّقَ بِيضِ أفريقيا الجنوبيّة على سودها، علمًا بأنّ البِيضَ هناك يشكّلون أقلَّ من عشْر السكّان.) إنه خيالٌ بخيال؛ وسواءٌ رأى المرءُ تحقيقَ الغاية بالإقناع أو بالإكراه (أكان هذا الأخيُر بالسلاح أمْ بالمقاطعة)، فإنهما مستحيلان على حدٍّ سواء.
ومثلما سمحت الاشتراكيّةُ الطوبويّةُ بتصوّر مجتمعٍ غيرِ المجتمع الطبقيّ، فإنّ يوطوبيا الدولة الديموقراطيّة أو الثنائيّة القوميّة تساعد على التثقيف بضرورة تخطّي التشنّجات القوميّة وعيشِ الناس على اختلاف مِللهم وأديانهم وقوميّاتهم في بلدٍ واحد. ولذلك فإنّها تصْلح إذا كان مجالُ الدعوة إليها أراضي 1948، على غرار شعار جعل إسرائيل "دولةً لكلّ مواطنيها" (عوضًا من "دولة اليهود") الذي نادى به أمثالُ عزمي بشارة. أما المناداة بها كمشروعٍ لغرب فلسطين برمّته، أيْ من النهر حتى البحر، فتقود حتمًا إلى طريق مسدود. وليس من برهانٍ أقوى على ذلك من المحكّ الأساسِ لأيّ برنامجٍ بعيدِ المدى، ألا وهو كيف تتمّ ترجمة ذاك البرنامج في مطالبَ ملموسةٍ آنيّة؟ فإذا أخذنا البرنامجَ المذكورَ على محمل الجدّ، فإنّ ترجمته الميدانيّة تعني دعوةَ الفلسطينيين في "الضفّة الغربيّة" المحتلّة سنة 1967 إلى الكفّ عن المطالبة بإجلاء الاحتلال وتفكيكِ المستوطنات، والمطالبةِ بدلاً من ذلك بالمساواة في الحقوق مع الإسرائيليين، بما فيها (منطِقيّاً) حقُّ الاقتراع في انتخابات الكنيست (وهي حقوقٌ اقترحها الاحتلالُ على قسمٍ من سكّان القدس العربيّة بعد ضمّها سنة 1967، ورفضها معظمُهم). أما من الجانب الإسرائيليّ، فمثلُ هذا الموقف من شأنه جرُّ مناصري حقوق الفلسطينيين من اليهود إلى وقف حملاتهم المشكورة والمفيدة المطالِبة بانسحاب جيشهم من أراضي 1967 وتفكيكِ المستعمرات فيها (على غرار ما حصل في غزّة، وسيناء من قبلها)، والتعويضِ من تلك الحملات بشنّ حملةٍ عقيمةٍ من أجل دولةٍ مساواتيّةٍ يهوديّةٍ ـ عربيّةٍ واحدة، من شأنها عزلُهم بالكامل في المجتمع الإسرائيليّ اليهوديّ وإحباطُهم؛ وهم (أي اليهود المناصرون لحقوق الفلسطينيين) في الأصل أعجزُ من أن يُقنعوا مجتمعَهم بإقرار مبدإ إسرائيل "دولةً لكلّ مواطنيها،" أيْ منح المساواة الكاملة لحاملي الجنسية الإسرائيليّة من الفلسطينيين، على قلّة عددهم النسبيّة. فكيف بأولئك المناصرين اليهود أن يجدوا آذانًا صاغيةً لمطلب منح جميع الفلسطينيين (بمن فيهم فلسطينيّو الشتات) المساواةَ التامّةَ في دولةٍ واحدة؟!
***
هل يعني ما سبق أنّ مشروع "الدولة الفلسطينيّة المستقلّة في الضفّة والقطاع" أكثرُ واقعيّةً من "حلّ الدولة الواحدة" في فلسطين بين النهر والبحر؟ كلاّ، وألف كلاّ: إنّهما، معًا، ضربان من الخيال. ذلك أنّ عللَ مشروع "الدولة المستقلّة" واضحة، وأوّلُها أنّ الاعتقاد بأنّ دولةً فلسطينيّةً وطنيّةً بإمكانها أن تكون "مستقلةً" فيما هي تقع بين فكّيْ كمّاشةٍ اضطهاديّة ـ أحدهما الدولةُ الصهيونيّة وثانيهما الدولةُ الهاشميّة ـ إنما هو ضربٌ من الخيال الصرف. أما الترجمة الميدانيّة لهذا البرنامج، الذي يقوم على حسن الجوار مع فكّي الكمّاشة، فهي نهجُ المفاوضات والمراهنة على العرّاب الأمريكيّ، أكان هذا النهجُ بصيغته العرَفاتيّة أمْ بصيغته العبّاسيّة، الناتجةِ من الأولى بشكلٍ محتّم.
***
وبعد، فأيُّ برنامجٍ نقترح، عقب هذا النقد المختصَر للبرامج المطروحة؟ إنه برنامجٌ يجمع بين يوطوبيا ثوريّة، وإستراتيجيّة نضاليّة واقعيّة.
فلنبدأْ باليوطوبيا، بمعنى البرنامج البعيد المدى الذي يرسم أفقَ النضال بالمدَييْن المتوسّط والقريب. إذا أقررنا بأنّ النضال الثوريّ بحاجةٍ إلى يوطوبيا مُلهِمة، فلماذا الاقتصارُ على قسمٍ من فلسطين التاريخيّة دون الآخر، ناهيكم طبعًا بالاقتصار على الأراضي المحتلة سنة 1967 (وناهيكم بالإمارة الإسلاميّة في غزّة وحدها!)؟ إنّ اليوطوبيا الوحيدة الجديرة بإلهام النضال الثوريّ الفلسطينيّ والإقليميّ لهي مشروعُ التوحيد القوميّ الفدراليّ الاشتراكيّ العربيّ (مع الاعتراف ضمنه للأقليّات القوميّة ــ أيْ ذاتِ اللغة غير العربيّة ــ بحقّ تقرير المصير). وإذا صحّ أنّ الصيغة القوميّة البورجوازيّة للمشروع العربيّ الوحدويّ قد أصيبت بإفلاسٍ عميقٍ بعد بلوغها ذروتَها في العهد الناصريّ، فإنّ المشروع بذاته يبقى الأفقَ الملهِمَ والعقلانيَّ (حيث نميّز بين يوطوبيا عقلانيّة وأخرى غير معقولة) الوحيدَ للنضال الثوريّ العربيّ، في زمنٍ نرى فيه دولاً منتميةً إلى قوميّاتٍ مختلفةٍ تسعى إلى تشكيل وحداتٍ إقليميّة، سواء في أوروبا أو في أمريكا الجنوبية، فكيف بالعرب وهم ينتمون إلى أمةٍ واحدة؟!
أما ترجمة ذلك الأفق في إستراتيجيّة ثوريّة واقعيّة للنضال الفلسطينيّ التحرريّ، فكانت تتمحور بالأمس حول "إستراتيجيّةَ الطوق" القوميّ العربيّ الناصريّةَ. وطبعًا، جاءت هزيمةُ 1967 لتُفقد تلك الإستراتيجيّةَ كلَّ اعتبار بعد أن مُنيتِ الأنظمةُ القوميّة بأُمّ الهزائم العسكريّة. ولوهلةٍ قصيرةٍ أدركت الطليعةُ الفلسطينيّة الجذريّة أنّ الذي سقط بلا رجعة ليس الإستراتيجيّة الإقليميّة/القوميّة في حدّ ذاتها، بل قيادة الحركة القوميّة "البورجوازيّة الصغيرة" لها. وربمّا كان التعبير الأدقّ عن ذلك الوعي هو الفكرة التي جهر بها الدكتور جورج حبش في زمن الصراع في الأردن، وهي أنه لا بدّ للثورة الفلسطينيّة من "هانوي،" على غرارِ ما تَوفّر للثورة الفييتناميّة في الشطر الشماليّ من وطنها في كفاحها البطوليّ من أجل تحرير الشطر الجنوبيّ المحتلّ. ومن هذا المنظور، لا بدّ من العمل على تحويل جميع عواصم المحيط العربيّ لفلسطين إلى "هانويات،" بمعنى خلق شروط الوحدة العربيّة التحرريّة والتحريريّة التي أخفقت الحركةُ القوميّةُ في تحقيقها.
ولمّا كان شرقُ فلسطين، الذي يُطلق عليه اسمُ الأردن، في تواصلٍ وثيقٍ مع غربها المحتلّ سنة 1967، أيْ مع الضفّة الغربيّة ــ وهو تواصلٌ عزّزه الدمجُ بين الضفّتين في سنواتِ ما بين النكبة والهزيمة ــ فقد رأى "الحكيم" أنه يتوجّب البدءُ بتحويل عمّان إلى هانوي عربيّةٍ كي يجد الكفاحُ من أجل تحرير غرب فلسطين عمقَه الضروريّ. ولم تَسقطْ تلك الإستراتيجيةُ اليساريّةُ الثوريّة، أسوةً بسابقتها القوميّة، بعد تجريبها، بل إنها لم تُجرَّبْ قطّ: فقد حال دون ذلك تضافرُ جهودِ المملكة الهاشميّة القمعيّة الدمويّة، وجهودِ اليمين الفلسطينيّ الإحباطيّة والاستسلاميّة. وعلى العكس، فإن إستراتيجيّة اليمين الفلسطينيّ هي التي سقطت الآن سقوطًا ما بعده سقوط. وتبقى الإستراتيجيّة اليساريّة الثوريّة هي الوحيدة العقلانيّة للنضال الفلسطينيّ برمّته، وهي تقوم على ثلاثة محاور.
فالإستراتيجيّة العقلانيّة تقتضي، أولَ ما تقتضيه، تحديدًا دقيقًا للعقبة الرئيسة أمام مشروعها، بمعنى تحديد العدوّ الأساس وتحديد نقاط الضعف لديه. وأما العدوّ الأساس فكان جليّاً للحركة القوميّة في أيّام عبد الناصر أنه لا يقتصر على الكيان الصهيونيّ، بل يشمل الإمبرياليّةَ الأميركيّةَ التي ترعاه، والأنظمةَ العربيّةَ التابعة لها أو المتواطئةَ معها. وفي الطوق العربيّ-الإسرائيليّ المفروض على شعب فلسطين، يشكّل النظامُ الأردنيّ الحلقةَ الأضعف نظرًا إلى التركيب السكّانيّ للمملكة الهاشميّة حيث توجد غالبيّةٌ من الفلسطينيين، ناهيكم بأنّ أكثريّة "الشرق أردنيين" تتغلّب لديها المشاعرُ القوميّةُ المضادّة للصهيونيّة وللإمبرياليّة على النعرات القطْريّة الضيّقة التي يرعاها النظامُ الملكيّ. وعليه، فإنّ تحويل عمّان إلى هانوي عربيةٍ شرطٌ لا بدّ منه لكي يجدي الكفاحُ من أجل تحرير الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة سنة 1967 ــ وهذا هو الشقُّ الأوّلُ من الإستراتيجية. (ومن البديهيّ، في سياق الأفق الإستراتيجيّ المشروح هنا، أن تعمل أجزاءُ الشعب الفلسطينيّ كلّها في الشتات على أن تنصهرَ في النضالات الوطنيّة والطبقيّة في بلدانِ إقامتها، إسهامًا في خلق "هانوياتٍ" عربيّةٍ أخرى، بدلاً من الانعزال عن تلك النضالات تحت أيّ حجةٍ كانت).
أما الشقّ الثاني، فيخصّ النضالَ في الأراضي المحتلّة سنة 1967. هنا لا بدّ أن يرتكز النضالُ ضدّ الاحتلال، كما في جميع حالات الكفاح ضد احتلالٍ أجنبيّ، إلى أوسع إجماعٍ وطنيّ ــ وبخاصّةٍ بعد أن وصل المجتمعُ الفلسطينيّ المطوَّقُ إلى حالة حربٍ أهليّةٍ كارثيّة. والإجماع الوطنيّ هو ما عبّرتْ عنه وثيقةُ الحوار الوطنيّ، المستندةُ الى ما عُرف بـ "وثيقة الأسرى" بعد تعديلها وإقرارها من قبل الغالبيّة العظمى للفصائل الفلسطينيّة في صيف 2006. وتنصّ تلك الوثيقة على ما يأتي:
"إنّ الشعب الفلسطينيّ في الوطن والمنافي يسعى ويناضل من أجل تحرير أرضه، وإزالة المستوطنات، وإجلاء المستوطنين، وإزالة جدار الفصل والضمّ العنصريّ، وإنجاز حقّه في الحريّة والعودة والاستقلال، وفي سبيل حقّه في تقرير مصيره، بما في ذلك إقامة دولته المستقلّة كاملة السيادة على جميع الأراضي المحتلّة عام 1967 وعاصمتًها مدينة القدس الشريف، وضمان حقّ عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طُردوا منها وتعويضهم، وتحرير جميع الأسرى والمعتقلين بدون استثناءٍ أو تمييز، مستندين في كلّ ذلك إلى حقّ شعبنا التاريخيّ في أرض الآباء والأجداد، وإلى ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدوليّ، وما كفلته الشرعيّةُ الدوليّة بما لا ينتقص من حقوق شعبنا."
إنّ كلّ ما ورد في الفقرة أعلاه إنما هو فعلاً حقوقٌ مشروعةٌ في العرف الدوليّ، وسيكون من الغباء الاستغناءُ عن المطالبة بها؛ فهي تشكّل أرضيّة الحدّ الأدنى الوطنيّ الفلسطينيّ التي ينبغي الانطلاقُ منها بدلاً من تجاهلها أو الالتفاف عليها. أما المنظور الثوريّ في هذا المجال فيقوم على إدراك أنّ "الدولة المستقلّة كاملة السيادة على جميع الأراضي المحتلة عام 1967" هي أيضًا يوطوبيا إذا اقتصر تصوّرُها على تلك الأراضي دون سواها. لكنْ، لمّا كان التشتّتُ الفلسطينيّ يفرض على كلّ قسم من أقسام شعب فلسطين أن يواجه عدوَّه المباشر في ظروفٍ بالغةِ الاختلاف عن تلك التي تواجه الأقسامَ الأخرى، فإنّ نضالَ سكّان أراضي 1967، المتمحورَ حول الإجماع الوطنيّ، مدعومًا من حملة التضامن العالميّة، بما فيها حملةُ المقاطعة، لهو أفضلُ ما يمكن القيامُ به سعيًا وراء تحقيق انتصاراتٍ على الأرض تتعلق برقعة الانسحاب الإسرائيليّ وتجميد ثم تفكيك المستوطنات وجدار الضمّ. غير أنّ كلّ ما يمكن تحقيقُه على هذه الدرب يبقى بالطبع هشّاً ومؤقّتًا لا غير، في انتظار فكّ الطوق في حلقته الأردنيّة الأضعف، بحيث ينفتح أمام أراضي 1967 أفقُ الاندماج بغرب فلسطين من جديد في دولةٍ وطنيّةٍ واحدةٍ تمتلك مقوِّمات الاستقلال والصمود.
أما الشقّ الثالث البعيدُ المدى للإستراتيجيّة التحريريّة، والمتعلّق بنكبة عام 1948 وآثارها، فإنه مرتهنٌ بما أدركه عبد الناصر نفسُه بعد هزيمة 1967 عند تأكّد تحوّل الدولة الصهيونيّة إلى قوّةٍ نوويّة. فالحال أنّ المراهنة على القضاء على الدولة الصهيونيّة بالقوّة العسكريّة من الخارج (وإنْ تحقّقت الوحدةُ العربيّة) إنما هي جنونٌ انتحاريّ، إذ لن تتردّد الدولةُ الصهيونيّة في اللجوء إلى سلاحها النوويّ إنْ شعرتْ بأنها مهدّدة بهزيمة عسكريّة، وذلك لكون الاستعمار الصهيونيّ استعمارًا استيطانيّاً متشبّثًا بالأرض... هذا لو افترضنا أنّ المحيط العربيّ قادر على التفوّق على إسرائيل بالسلاح التقليديّ ــ وهو أمرٌ شبهُ مستحيل ما دامت الإمبرياليّةُ الأميركيّة تقف وراءها وتضْمن تفوّقها في تكنولوجيا الدمار عمومًا، والطيرانِ الحربيّ بخاصّة.
وهذا يعني أنْ لا إستراتيجيّة عقلانيّة في مواجهة الدولة الصهيونيّة ممكنةً بغير الاستناد إلى تضافر الكفاح الفلسطينيّ والعربيّ، مع العمل على شقّ المجتمع اليهوديّ الإسرائيليّ من داخله. وهذه الغاية الأخيرة تتطلّب أن تكون لدى القوى التحرريّة الفلسطينيّة والعربيّة قدرةٌ على مخاطبة الإسرائيليين اليهود، وسلخِ قسم مهمٍّ منهم عن المنطق الصهيونيّ. إنّ برنامج نضال فلسطينيي أراضي 1948 حاملي الجنسيّة الإسرائيليّة ــ في سعيه إلى كسر الإجماع الصهيونيّ (وقد بدت بوادرُ ذلك مع ظهور ما سمّي "ما بعد الصهيونيّة" post-Zionism قبل تراجع هذا الاتجاه تحت وطأة احتداد المواجهة منذ "انتفاضة الأقصى") ــ هو الذي ينبغي في الحقيقة أن يرتكز إلى مشروع تحويل الدولة الصهيونيّة إمّا إلى دولةٍ ديموقراطيّةٍ ثنائيّة القوميّة مع منح العرب جماعيّاً حقوقًا مساويةً لحقوق اليهود الجماعيّة، أو إلى "دولةٍ لكلّ مواطنيها." وعلى مناضلي الداخل، بالاشتراك مع المناضلين اليهود المعادين للصهيونيّة، يقع خيارُ استنساب أيٍّ من المطلبين يتيح الحصول على أوسع تأييد في صفوف اليهود، بحيث يساهم خيرَ إسهام في كسر الإجماع الصهيونيّ.
***
إنّ الإستراتيجيّة المشروحة أعلاه أعقدُ بكثير من مشروعَي "الدولة المستقلّة" و"الدولة الديموقراطيّة،" ببساطتهما النظريّة. أوَليس الوضعُ الفلسطينيّ من أكثر الأوضاع تعقيدًا في العالم؟ فكيف يظنّ أحد أنّ النضال الفلسطينيّ يمْكن اختصارُه في شعارٍ واحدٍ لا يخصّ سوى جزءٍ من فلسطين التاريخيّة والسكّانيّة، مهما كان حجمُه؟ وإذا صحّ أنّ الإستراتيجيّة تُبنى على أساس تشخيص العوائق التي تعترض تحقيقَ هدفها السامي، فلا شكّ في أنّ التشتت الفلسطينيّ جعل الشعبَ الفلسطينيّ يواجه عددًا من العوائق يفوق ما تواجهه معظمُ الشعوب الأخرى. وعليه، فإنه يستحيل اختزالُ النضال الفلسطينيّ بوصفةٍ سحريّةٍ واحدة، بل لا بدّ له من إستراتيجية معقّدة بدرجة تعقيد الأوضاع التي يواجهها. وبهذا المعنى أيضًا، لا بالمعنى العاطفيّ وحده، فإنّ النضال الفلسطينيّ هو حقّاً النضالُ المحوريُّ بامتياز في إطار الثورة العربيّة التحرريّة والتوحيديّة التي يجب أن تبقى هدفَ الثوريين الأسمى في منطقتنا.
لندن
*جلبير الأشقر: معهد الدراسات الشرقية والافريقية في جامعة لندن. من مؤلَّفاته: صِدام الهمجيّات، والشرق الملتهب، وحرب الثلاثة وثلاثين يومًا، و(مع نعوم تشومسكي) السلطان الخطير.
1. لم يتبنّ عبد الناصر، قطّ، الموقفَ الذي نُسب إلى أحمد الشقيري سنة 1967 والداعي الى "رمي اليهود في البحر،" وإنما كان هذا هو موقفَ المفتي والوهّابيين، الذين كان الشقيري مقرّبًا منهم، علمًا بأنه لم يلفظْ تلك الجملة الشهيرة تحديدًا، بل ما شابهها فقط.
٢٣ آب ٢٠٠٩
حوار مع المفكر صادق جلال العظم
عفواً دكتور.. لا أدري إذا كان يمكننا الحديث بالأسماء.. ربما يكون ذلك حساساً لدي البعض؟.
- إن كون الحديث في هذا الموضوع حساساً فهذا دليل إضافي كم أصبح وضعنا كارثياً.. علي كل أنا سأقول رأيي ويمكنك التصرف. في كتاب بن باز الصادر عام 1985 رفض كلياً فكرة كروية الأرض، كان يناقش المسألة علي أساس أن الأرض مسطحة!. رفض كلياً فكرة دوران الأرض حول الشمس… الكتاب موجود لدي وبإمكانك أن تتأكد من هذا الكلام. إذاً الأرض لا تدور حول الشمس وإنما الشمس هي التي تدور حول الأرض!. لقد أعادنا إلي الفلك القديم إلي ما قبل كوبيرنيكوس. طبعاً في هذا الكتاب كفّر بن باز كل من يقول بأن الأرض كروية وبأنها تدور حول الشمس. علي كل حال هو حرّ بآرائه. لكن الكارثة الكبري أن أحداً لم يتجرأ لا من علماء الدين ولا من مؤسسات العالم الإسلامي من مشرقه إلي مغربه. من الأزهر والزيتونة إلي القرضاوي والترابي وكفتارو وكليات الشريعة… لا أحد تجرأ علي القول لابن باز ما هذا الهراء الذي تقول به باسم الدين الإسلامي؟!. وكونك تقول لي أن هذه مسألة حساسة.. فمعني ذلك أنني لا أستطيع أن أرد علي بن باز عندما يقول إن الأرض مسطحة وأنها لا تدور حول الشمس وإنما هي تشرق وتغرب علي الطريقة القديمة! هذه كارثة.. والكارثة الأكبر أننا لا نستطيع مجرد الرد عليهم.
١٤ آب ٢٠٠٩
شهادة غيث السبول حول الاعتصام والقمع والاعتقال الذي تعرض له العمال
قدم عمال ومستخدمي مؤسسة الموانئ للاردن نموذجا انسانيا وتضامنيا ضن البعض انه نادر الوجود في الاردن. استمعت لشهادات العمال واحدة بعد الاخرى ولعدة مرات وكل ما تسمعة هو صلابة العمال خلف قضيتهم عندما تسمع كلام عاهد العلاونة وهو على سرير الشفاء يصر على ضرورة استمرار الاعتصام وتحقيق كافة مطالب العمال. تسمع عبدالله النظامي يصف عاهد العلاونة بــ"اخيه وشقيقه.. المناضل البطل." عمالنا مذهولين من قساوة وعنف البطش الذي تعرض له اعتصامهم السلمي والمطلبي .. فهم البناة وليس السراقين الهدامين. لقد تفاجأوا بالايدي الغاشمة والملثمة واللئيمة لجهاز الدرك ومن خلفهم. فيهم يدافعون في اعتصامهم ونضالهم ليس عن لقمة عيشهم فقط بل عن مستوى معيشة كل انسان في الاردن. والاهم انهم يدافعون عن حق العمال في تقرير مصالح بلدهم ولمن تؤول ثرواته وكيف يتم توزيعها بعد ان هندس لنا الحكم برلمانا يبصم عالعمية.
١٢ آب ٢٠٠٩
٥ آب ٢٠٠٩
استمرار الاصراب والاعتصام العمالي وتعاظم حملة التضامن معه
الحملة الوطنية للدفاع عن الخبز والديمقراطية
" خبز وديمقراطية "
تـصــريـــح صــحــفـــــــي
تضامناً مع عمال مؤسسة الموانئ الذين هبّوا للدفاع عن حقوقهم المشروعة وتأكيداً لوقوف كل الهيئات ومؤسسات المجتمع المدني دفاعاً عن حقهم بالتعبير ورفضاً للممارسات القمعية التي تمت بحقهم من قبل قوات الدرك ، أقامت الحملة الوطنية للدفاع عن الخبز والديمقراطية وبالتعاون مع التجمع النقابي العمالي الديمقراطي الأردني مهرجاناً جماهيرياً مساء يوم الأحد 2/8/2009 في مجمع النقابات المهنية ، شارك فيه نشطاء عمال نقابيين وقيادات حزبية ونقابية مهنية ، وأدار المهرجان الأستاذ محمد البشير نقيب مدققي الحسابات السابق وعضو لجنة المتابعة لحملة الخبز والديمقراطية وتحدث فيه كلاً من الدكتور أحمد العرموطي نقيب الأطبـاء ، الأستاذ سياج المجالي عضو التجمع النقابي العمالي الديمقراطي ، الأستاذ هاني الدحلة رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، الأستاذ محمد السنيد رئيس لجنة عمال المياومة في القطاع العام ، الدكتور عصام الخواجا مقرر لجنة المتابعة لحملة الخبز والديمقراطية .
_ كلمة الدكتور أحمد العرموطي _ نقيب الأطباء / رئيس مجلس النقباء بالإنابة :
في الوقت الذي يتعرض فيه الأردن إلى أخطر مؤامرة صهيونية ضد وجوده وكيانه باعتباره وطناً بديلاً لفلسطين ، وفي الوقت تتداعى فيه كل القوى الوطنية والمخلصة لتحصين الجبهة الداخلية وتعزيز الوحدة الوطنية في وجه المؤامرة الصهيونية ، في هذا الوقت الصعب نشهد ممارسات قمعية لا مسؤولة تجاه الاعتصام العمالي في العقبة ، ممارسات تعيد إلى الذاكرة الأحكام العرفية ومضامينها ، وهذه الممارسات خلقت وستخلق ردود فعل سلبية عند المواطنين ، وستؤدي إلى مزيد من الإحتقان الاجتماعي واضطراب الأمن الداخلي ، مما سينعكس سلباً على صورة الأردن وعلى أمنه واستقراره .
من حق العمال الإضراب والاعتصام للمطالبة بحقوقهم وتحسين أحوالهم المعيشيـة ، أما أن تقف الحكومة وبهذا الأسلوب البوليسي المستهجن والمدان فهو خرق لدورها ومكانتها ، فلا يجوز أن تنحاز الحكومة إلى جهة دون أخرى وتستخدم كل أساليب القمع والضرب لفك اعتصام العمال ، إن هذا الأسلوب لا يحترم دستوراً ولا قانوناً ولا حريات مجتمع مدني .
إننا في النقابات المهنية نقف مع العمال ومطالبهم ونطالب رئيس الوزراء بتحقيقها وحمايتها ممن يتربصون بالطبقة العاملة ومستقبلها وأمنها ، ونطالب بتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة لتعلن تفاصيل ما جرى وليأخذ المسيء عقابه .
إن بناء الأردن الآمن والمستقر هدف جميع أبناءه ، وهم يسعون للحفاظ على استقراره وتقدمه ، فلا استقرار بلا أمن ولا أمن بلا حرية ولا حرية بلا عدالة ولا عدالة بدون ديمقراطية حقيقية .
إننا نتوجه إلى مجلس النواب رئيساً وأعضاء ليأخذوا دورهم في المراقبة والمساءلة لما جرى ، فالذي جرى خطير ولا يمكن السكوت عنه .
وأخيراً عاش الأردن وطناً آمناً مستقراً تحميه قلوب وعقول أبناءه المخلصين وتشيد بناءه أيادي أبناءه الذين لا تحد إرادتهم حدود ولا تقف أمام حقوقهم سدود .
_ كلمة الأستاذ سياج المجالي / عضو التجمع النقابي العمالي الديمقراطي الأردني :
حيث أكد على دعم التجمع النقابي العمالي الديمقراطي الاردني لمطالب عمال الموانئ وشرعيتها وأضاف أن حقهم بالاعتصام والاحتجاج والمطالبة بحقوقهم حق كفله الدستور وأكد بأن قسم كبير من عمال الموانئ يتم التعامل معهم بدونية بالرغم من الدور الرئيسي الذي يقومون به في تسيير نشاط ميناء العقبة فهؤلاء مهنيون مهرة وبينهم مهندسون ولكن سلطة الميناء ترفض الاعتراف بهم . ونقل شهادته عن وقائع ماحدث مع العمال لفض اعتصامهم بالقوة حيث اقدمت قوات الدرك قبل مهاجمتهم على القاء القنابل المسيلة للدموع خلف ظهورهم وبدأت تطاردهم وتلاحقهم وتضربهم بالهروات بقسوة شديدة ولاحقتهم حتى مستشفى الاميرة هيا الذي التجؤا اليه ووفر لهم الحماية من قوات الدرك بسبب رفض مدير المستشفى وقوة الجيش المسؤولة عن حماية المستشفى لقوات الدرك بالدخول اليه .
_ كلمة الأستاذ هاني الدحلة / رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان :
حق العمل هو من أهم الحقوق التي يحتاجها الإنسان لأن من لا يعمل لا يأكل ومن لا يعمل لا يتعلم ومن لا يعمل لا قيم في منزل يأويه وعائلته ، فالعمل هو الأساس الذي يقوم عليه المجتمع وهو الطريق إلى الحياة الآمنة المستقرة وهو السبيل إلى الصحة والعافية .
ولذلك حرصت الأمم والشعوب في مختلف مناحي الأرض على توفير العمل لمواطنيها ووضعت النصوص في الدساتير القوانين والأنظمة لإلزام الحكومات والسلطات بإيجاد فرص العمل لكل قادر ولكل راغب ومن أجل ذلك قامت نقابات العمال في مختلف المهن والمؤسسات لحماية حقوق العمال والدفاع عنها وتمكين العمال من العيش بكرامة لا يقضي عليهم الجوع ولا تذلهم الحاجة فيصبحوا أجراء لا مواطنين .
إن المواطن الذي يعيش في منزل يأويه ويتناول الطعام الذي يكفيه وينال العناية الصحية التي تحميه هو المواطن القادر على حماية وطنه وهو المواطن الذي يسعى لتوفير الحياة الرغيدة لأسرته وهو المواطن الذي يخدم بلده بكل ما أوتي من عزم وقوة .
والعمال هم من أهم شرائح المجتمع ، فعلى جهودهم وتضحياتهم تقوم أعمال البناء ، وعلى علمهم تقوم المدارس والجامعات ، وعلى وحدتهم وتضامنهم ينالون حقوقهم ويشعرون بالأمن والأمان .
ولذلك كان من حق العمال أن ينالوا الرعاية والحماية ومن حقهم أن ينالوا الدعم من كافة مؤسسات المجتمع المدني بالإضافة للاستجابة من قبل الدولة لمطالبهم العادية وعندما تقدم عمال الموانئ بمطالبتهم العادية للجهات المختصة تجاهلت هذه الجهات مطالب العمال ورغم المراجعات المتكررة والمطالبات المستمرة لم تجد مطالب العمال آذاناً صاغية من المسؤولين مما اضطرهم للاعتصام السلمي للفت النظر لقضيتهم ولدعوة المسؤولين للاستجابة إلى مطالبهم . ولكن للأسف بدل التعامل مع الاعتصام كحق قانوني للعمال منصوص عليه في الدستور وفي قانون العمل بالتفاوض والتفاهم لجأت الدولة للقوة فأرسلت قوات الدرك لفض الاعتصام بالقوة مما تسبب عنه إيقاع إصابات خطيرة بالعمال أدت لنقل أحدهم بالطائرة إلى مدينة الحسين الطبية لحاجة المعالجة الفورية المختصة لحراجة حالته ، كما أصيب ثلاثة عشر عشر عاملاً بإصابات مختلفة ، بالإضافة لاعتقال حوالي ثمانين عاملاً ومداهمة منازل بعضهم وترويع أسرهم وأطفالهم .
إننا من منطلق الإيمان بأن حق المواطنين في مخابطة السلطة ومطالبتهم بالعمل على حمايتهم وتأمين العمل لديهم وتوفير الدخل الكافي والعناية الصحية والتعليم لهم نشجب هذه التصرفات التي لا تتفق مع الدستور والقوانين وأسس العدالة وأن تكرار مثل هذه التصرفات خاصة بعد ما حدث في اعتصام النقابات المهنية أمام وزارة الزراعة يدل على نهج خطير واستبدادي لا يتفق وروح الديمقراطية ولا مع نصوص الدستور ولا مع مبادئ حقوق الإنسـان .
إننا ومن منطلق الحفاظ على المصلحة العامة والإيمان بأن الديمقراطية هي حكم الشعب لمصلحة الشعب وبأن حق التعبير هو حق دستوري لا يجوز تخطيه ، نطالب الحكومة أن تشكل لجنة تحقيق قضائية لتقديم تقرير عما حدث من اعتداء على العمال وانتهاك لحقوقهم واتخاذ الإجراءات القانونية لمحاسبة أي متجاوز على هذه الحقوق .
إن حقوق العمال وهي حقوق دستورية وقانونية معترف بها كما أسلفنا من أهم الحقوق التي على الدولة توفيرها ، فالسكن الكريم والراتب الكافي وعلاوة خطورة العمل والتعويض عن الأضرار التي تلحق بالعمال أثناء العمل وبسببه والعناية الصحية الكاملة وتحمل الدولة والمؤسسات والشركات التي تستخدم العمال لكافة مصاريف المعالجة الطبية من أهم المطالب التي يستحقها العمال والتي على الدولة والمؤسسات توفيرها .
وأخيراً ليس لأحد أن يتذرع بعدم توفر الأموال الكافية للاستجابة لمطالب العمال ، فهذه الحجة لم تعد تنطلي على أحد بعد أن ذاع في الناس وشاع مقدار الملايين التي تصرفها الدولة على المؤتمرات والسفرات التي يقوم بها الوزراء والموظفون والوفود إلى مختلف بقاع العالم بسبب أو بدون سبب سوى تغيير الجو والنزهة والعلاج على حساب الخزينة .
إن الرسالة التي أريد توجيهها للمواطنين بأن القوة هي الوسيلة الوحيدة للتعامل معهم هي رسالة خاطئة ، فالمواطنون هم الذين يستحقون الحرية وهم الذين نص الدستور على إعطائهم حقوقهم في القول والعمل ، وهم الذين تقوم على أكتافهم جميع مرافق العمل والحياة وهم الذين يستحقون الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان .
_ كلمة الأستاذ محمد السنيد / رئيس لجنة عمال المياومة :
في البداية أود أن أشكر جميع من تضامن مع مطالب عمال المياومة في مؤسسة الموانئ سواء كانت نقابات مهنية أو احزاب سياسية أو منظمات حقوق إنسان أو ناشطين عماليين .
العتب على وسائل الإعلام والصحف التي كان يجب أن تكون موجودة أثناء فض الاعتصام بالقوة لتكون شاهد على ما جرى .
تدخل الجيش كان بالوقت الأخير ومنع حدوث كارثة بحق العمال من قبل قائد المنطقة الجنوبية العميد عبدالله المعايطة عند المستشفى .
_ توضيح ما جرى من مداهمة لمنازل الرفاق عبدالهادي الراجح الناطق الإعلامي بإسم اللجنة وعضو اللجنة الرفيق خالد الطراونة واعتقالهما .
_ الاعتداء على العمال داخل الزنازين وداخل سيارات الدرك ورمي الرفيق عاهد العلاونة من السيارة أثناء سيرها وتوضيح ملابسات ما جرى .
_ لجنة عمال المياومة لا تعترف باتحاد النقابات العمالية الذي يرأسه مازن المعايطة ولا تعترف باتفاقياته حيث أنه لم يفوض بذلك .
وعمال المياومة في القطاع العام ليس تحت مظلة الاتحاد ولأنه لم يدين على الأقل ما حدث من قمع للعمال .
_ التأكيد على أن الإضراب متواصل لليوم السابع والاعتصام متواصل أيضاً .
_ المطالبة بإصدار تقارير طبية ومناشدة هيئات المجتمع المدني بذلك .
_ كلمة الدكتور عصام الخواجا / مقرر لجنة المتابعة للحملة الوطنية للدفاع الخبز والديمقراطية :
نلتقي اليوم لنعلن تضامننا الكامل مع عمال الأردن البواسل ، عمال الموانئ الشجعـان ، الذين أعطوا دروساً في العزة والكرامة والتمسك بحقوقهم وعرضها وطرحها والتعبير عنها والدفاع عنها ، لا ترهبهم أدوات وأساليب القمع التي قامت بها قوات الدرك بحقهم . قوات الدرك التي فضّت وفرّقت اعتصامهم بقسوة وغلظة شديدة تسببت بجرح العشرات منهم حيث لاحقتهم في دائرة قطرها 4 كم واعتقلت منهم 80 من العمال أفرج عنهم بفعل تماسكهم ووحدتهم وصلابة موقفهم وردود الفعل التي تولّدت لدى الرأي العام الأردني الذي أجبر الحكومة على إصدار أمر الإفراج عن من تبقى منهم .
إن هذا النموذج من النضال العمالي الديمقراطي السلمي الحضاري الذي قام بتنفيذه عمال مؤسسة الموانئ بقيادة لجنة عمال الموانئ ولجنة عمال المياومة شكل محطة نوعية جديدة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى على صعيد النضال النقابي الديمقراطي العمالي وتحقيق الحبيات العامة .
استخلاصات وعبر :
1_ أعطوا درساً في الوحدة والتماسك وعدم السكوت على المظلمة والمظالم وهذا فيه تعزيز وتكريس لروح كفاحية عمالية كادت أن تغيب وها هي تولد من جديد .. فكما يقال ما ضاع حق وراءه مطالب ، أما من نام وأذعن فلا حق يعود له .
2_ كشف الستار عن حجم الظلم الذي وقع بحق هؤلاء العمال وهذا الظلم هو مظهر من مظاهر الفساد في مؤسسة الموانئ يستحق أن يفتح فيه تحقيق محايد ومسؤول .
3_ كشف عن هشاشة الهامش الديمقراطي المتاح للتعبير أمام القطاعات الاجتماعية خصوصاً العمال .
4_ سجل انتهاكاً جديداً لحقوق الإنسان التي كفلها الدستور الأردني في مجالات مختلفة وعلى رأسها الحق في الأمن الشخصي وعدم التعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب والإيذاء والحق في الاعتصام والحق بالأجر العادل .
5_ لقد جاء هذا الاعتداء على عمال الموانئ وفض اعتصامهم بالقسوة التي شهدناها حلقة في سلسلة سبقتها من الاعتداءات على محتجين ومعتصمين نذكر منها فض الاعتصام الذي قامت به فعاليات نقابية وحزبية وشبابية أمام وزارة الزراعة احتجاجاً على استيراد منتجات زراعية من الكيان الصهيوني واعتصام أهالي طيبة الكرك أمام الرئاسة لتقديم مطالب عادلة يرونها حقوقاً لهم .
إن المتابع بدقة لهذه الأحداث تحمله إلى الاستنتاج بأن نهج القسوة الشديدة في قمع المعتصمين والمحتجين من مؤسسات المجتمع المدني من نقابات مهنية وعمالية وأحزاب وقوى شبابية مرده إلى قرار ما وفي مكان ما يريد إيصال رسالة إلى كل القوى الوطنية المعارضة من حزبية ونقابية ومدنية بأنها مهددة بالقمع الشديد إن تحركت واحتجت واعتصمت وأن المطلوب منها الخنوع والصمت والقبول بكل ظلم دون تحريك ساكن . ونحن نقول من هنا أن هذا لن يكون منا ولن يكون من الشعب الأردني .
6_ في الوقت الذي نعلن حرصنا وتمسكنا بالمحافظة على الأمن الوطني فإن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنه يساوي منع الاعتصام والاحتجاج والتعبير عن الرأي وطلب رد الظلم والمطالبة بالحقوق .
7_ يجب أن لا تكون الحرية مصانة فقط للمستثمرين من القطاع الخاص الأجنبي ، بينما ابن الوطن العامل تكون حريته مقيدة ولقمة عيشه مغمسة بالعرق والحاجة والمهانة .
8_ نحمّل مجلس النواب مسؤولية كبرى في نقطتين :
· تعديل قانون الاجتماعات العامة المقيد للحرية والعرفي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .
· إعادة النظر في قانون الدرك الذي شرّع لجهاز أمني قام في الأشهر الأخيرة بقمع أكثر من اعتصام واحتجاج (وهذا لسان حال الشعب الأردني) .
نعتقد جازمين أن أمن الوطن لا يكون بقمع من يطالب بحقوقه ويطالب بأجر عادل ويطرح مظلمته أمام الرأي العام ليعرف بها الناس . فصون أمن الوطن بالحفاظ على كرامة المواطن وحقه في التعبير والسعي لتلبية احتياجاته وحاجاته .
نحن نرى في أن دور الأجهزة الأمنية وقوات الدرك منها حامياً للمواطن وليس سيفاً مسلطاً عليه إلى جانب سيف الفقر والبطالة ، نحن نرى أن دور الأجهزة الأمنية يكون بحماية حق النشطاء النقابيين والحزبيين ومؤسسات المجتمع المدني للتعبير عن رأيها والدفاع عن حقوقها ورفع صوتها عالياً لتحقيق مطالبها .
9_ نطلب تحمل وزير الداخلية المسؤولية عما وقع على العمال ، عمال الموانئ من اعتداء واعتقال وتهديد لحياتهم ، ونطلب فتح تحقيق جدي ومحايد لمحاسبة المسؤولين عن هذا الشكل القاسي من القمع والاعتداء على العمال المعتصمين حتى لا يتكرر في المستقبل .
10_ إن الحكومة التي أطلقت اليد لقوات الدرك لتقمع بهذه الطريقة يجب أن ترحل فمن يؤمن للمواطن حقوقه ويحفظ أمنه عندما يطالب بهذه الحقوق ليس جديراً بأن يستمر في تحمل المسؤولية وأن يكون مسؤولاً عن هذا المواطن .
11_ الغائب الكبير كان الاتحاد العام لنقابات العمال ؟!
هؤلاء العمال هم من يجب أن يكون في قمة قيادة الاتحاد وليس القيادة الفاسدة الحالية التي تتأمر على العمال وتمثل الخصم لهم .
لجنة المتابعة للحملة الوطنية للدفاع عن الخبز والديمقراطية
عمان في 3 آب 2009