- في حملة في الاردن لوقف الانفاق الحكومي، وحملة مش بس محمومة بل يائسة حيث بلغ الامر الاسبوع الماضي بوكالة الانباء الاردنية ان تسأل المفتي العام عن رأي الشرع في عدم التوسع في الانفاق الحكومي. وبالرغم من ان السيد نوح افتي في موضوع آخر عام ويختلف عمّا تمنى عليه السائل، الا ان هذا الاخير قام بتلخيص موقف المفتي كما يريد، اوتريده الحكومة، وبشكل يظهر الشيخ وكأنه من دعاة الليبرالية الجديدة مثلا..
- انا بالرغم من ذلك مش فارق معي موقف المفتي الدعوي، ولا بعتقد انه الحكومة مفلسة في تقديراتها الاقتصادية بحيث لم يبقى امامها سوى موقف الشرع، والنكتة انه وزير المالية الحالي من عائلة مسيحية، فهل سيسأل احد خوارنة الروم مثلا.. واذا ما زبطش معه لا موقف الروم ولا الشرع فهل يعني ذلك انه ما ظل علينا غير الفتحات؟
- كما وعدتكم ورغم النكتة المأساة اعلاه، الا ان دور المفتي هو في تمرير موقف ما "رسمي" للمستمعين والقراء. والحكومة ليست بحاجة حقيقة لاستنباط سياساتها الاقتصادية منه. ويبقى الاهم، والذي بات واضحا، ان الحكومة مع تراجع مداخيلها سواء في تراجع تحويلات المغتربين الحالية والمؤملة، وانكماش الصادرات والتحويلات الخارجية من مساعدات وديون وارتفاع عجز الميزان التجاري في الاشهر التسعة الاولى من العام الحالي الى مستوى خطر، مرفقا بارتفاع حجم المديونية الى مستويات لم تبلغها من قبل.
- عجز الميزان التجاري يعني الواردات اعلى من الصادرات. واذا الحكومة اوالمجتمع بنفق دنانير اكثر يعني استيراد اكثر، مما يعني الحكومة مضطرة تعطي عملة صعبة مقابل كل دينار بيشتري سلعة خارجية - مستوردة صينية اوغيره- وكونه موارد الاردن من العملة الصعبة في تراجع لاسباب كثيرة منها: اصحاب الرساميل اموالهم في الدولار وفي الخارج على الاغلب خوفا من الازمة الاقتصادية على الدينار. وتراجع عائدات المغتربين لانه معظمهم يا عم بروحوا على البلد اواجورهم عم تدنى في بلاد اغترابهم، اما الصادرات فهي للاسف في جلها اعادة تدوير للواردات مع اشوية تزيين. او من مواد خامة تراجع الطلب عليها وفي المحصلة كلها باتت بيد المستثمرين وحساباتها في الدولار وبحسابات مش بالضرورة في الاردن حيث القوانين الاردنية لا تمانع في ذلك.
- وعليه فأن نضوب خزينة الدولة من العملة الصعبة سوف يهدد سعر صرف الدينار وهذا امر لا تحبذه الدولة لاسباب لا مجال للخوض فيها الآن
- تراجع الانفاق الحكومي ليس جديدا فهو مستمر من فترة ويدفع فاتورته ذوي الاجر المحدود وهذا ايام ما كانت الامور كما يرام فكيف الآن مع الازمة الاقتصادية العالمية
- المضحك المبكي ان الحكومة تبرر تقليص الانفاق بالازمة الاقتصادية العالمية الذي وعد وزير المالية السابق ابوحمور ان الاردن سوف يستفيد من هذه الازمة وستكون نتائجها ايجابية على الاردن! هذا يدل على مدى عدم تحوط الحكومة وضعف استعدادها لمواجهة الازمة الاقتصادية العالمية ودرء مخاطرها.
- والاخطر فيما تقدم ان ما تقوم به الحكومة قد لا يعطي نفعا، بل قد يكون اخطر مما تعتقد. القطاع الصناعي يطالب بتخفيض الفائدة على الدينار ايضا وهذا قد يقود لضغط مضاعف على قيمة الدينار خصوصا اذا كانت قيمة المخزونات المحلية عالية عند التجار والمستوردين حيث لم يتم تصريف العديد منها اصلا بشكل كبير خلال الفترة السالفة.. قد تجد الحكومة مضطرة للتدخل مباشرة في السوق اذا فشلت في اجبار التجار على خفض الاسعار، خصوصا ان الاستيراد متراجع لنضوب الاعتماد المتسارع من قبل البنوك..حبيبي
- قد تجد الحكومة نفسها مضطرة لنزع رداء السياسات النيوليبرالية والتدخل بشكل فض في السوق للحفاظ على استمرارها لكنه تدخل له مخاطره والخوف ان مساحة المناورة امامها محدودة جدا نتيجة لطبيعة الاتفاقات الدولية التي كبلت نفسها بها طوال العقود السابقة ..
- اما فيما يخص التقارب التركي - السوري فانا اعتقد عكس ما يعتقده البعض. ان هذا التقارب هو باتجاه الضغط على المسألة الكردية واحتواءها وهو في اقل تقدير بماركة ايران وليس بالضرورة ضد رغبات هذه الاخيرة، وليس لان دمشق كما يعتقد البعض على طريق التفارق مع طهران. فالنظام السوري ليس بصدد مثل هذا التحول الجذري وهو لا يغير تحالفاته بسهولة. والتفجير الذي استهدف وزارة الخارجية - وزير منطقة الحكم الذاتي الكردي وكذلك قسم كبير من كادر الوزارة - وهو الذي استخدم في توتير العلاقات مع سوريا وتبادل الاتهامات معها.
- هذا التوتر الناتج بين العراق وسوريا بحكم هذه التطورات قد تجلوه طبيعة الاصطفافات والتحالفات الانتخابية بين الكتل في المجتمع العراقي في المرحلة المقبلة. حاليا تحاول السعودية ان تعمقه بينما لا يفوت دمشق ان تقبض فاتورته ولو جزئيا في المرحلة الحالية من السعودية وحلفائها.
١٩ تشرين الأول ٢٠٠٩
ليش احراج المفتي؟!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق