بعد كل مظاهر التعصب العشائري والجهوي والذكوري المنفلتة في المجتمع بجامعاته ومستشفياته ومحافظاته عموما. والتي كادت تورط البلاد بحروبات وشرور مستطيرة في العام الماضي ولا تزال مخاطرها ماثلة. اجمع العديد من المراقبين ان قنوات التعبير السياسي على المستوى الوطني والمدني، البرلمان مثالا، ضيقة وغير ذا جدوى في نظر المواطنين. حيث اظهر آخر استطلاع للرأي وقبيل حل البرلمان الحالي بقليل تأييد 85% من المستطلعين بـشدة لحلّ البرلمان. بينما علل 78% تفضيلهم لحلّه لضعف اداءه.
ان انعدام قدرة البرلمان والقنوات "الديمقراطية" المتوافرة من تمثيل ارادة الشعب اوحتى الدفاع عن مصالح اوسع القطاعات الاجتماعية المتضررة من سياسات الحكم الاقتصادية والسياسية هو الذي يدفع المواطن لانماط من التحالفات العشائرية والجهوية الضيقة. كما ان انعدام خطاب سياسي وطني مدافع عن الحقوق الانسانية الاساسية للقسم الاكبر من السكان - من حقهم في التعليم المجاني بجميع مراحلة، حقهم في التأمين الصحي، وحقهم في العمل..- هذا الواقع يدفع المواطنين نحو وسائل حمائية تقليدية عشائرية وغيرها لتمشية اموره والدفاع عن حقوقه اذا اضطر لذلك.
اما الحكومة فهي حكومة "لا تقربوا الصلاة." وانتبه للنقطة، وعليه حلّو البرلمان، وجاءوا بنفس القانون مع تنويعات جعلته اسوأ واضيق من القانون السابق. والهدف هو الابقاء على قانون الصوت الواحد بحيث لا يشكل البرلمان قوة رقابية اومشارك فاعل في رسم السياسة المجلية والخارجية للدولة. بحيث لا ينافس اوينتقص من جوهر النظام كحكم سلطوي فردي في نهاية المطاف. وهكذا، ومرّة اخرى تخدع الحكومة الشعب وتقدم قانونا اسوأ من سابقيه، فقانون الانتخاب الحالي للبرلمان عبارة عن صورة مسخ من قانون انتخاب البلديات وخصوصا مع هو حاصل من تفتيت الدوائر ذاتها الى دوائر فرعية صمن قانون الصوت الواجد.
هل سيرضى المواطنون بذلك؟ هل ستسمح النقابات العمالية والمهنية بتمرير قانون تفتيتي ومسخ بهذه الصورة؟ هل ستسمح حتى القوى العشائرية ذاتها التي يهددها استمرار التفتيت الحاصل في المجتمع وتداعياته مثلما يهدد غيرها بمثل هذا القانون؟ وهل هي هذه القوى العشائرية مخولة لحمل خطاب وطني حداثي وتطوري، هي فشلت فيه من حيث هي قوى عشائرية حتى عندما كانت الدولة في لحظات تأسيسها؟ والسؤال الاهم هو الى اين يندفع هذا البلد ضمن تجاهل السلطة المستمر لارادة الشعب ورغباته بل تصر على دفعة لحافة الهاوية؟