في الخبر التالي من بترا يبدو أن ملاحظات النقابات المهنية وتحفظاتهم على مشروع قانون النقابات المطروح من قبل الحكومة واضحة وبسيطة وتتلخص في طلبهم سحب مشروع قانون النقابات المهنية ووقف تدخل الحكومة في شؤونهم. لكنّ رئيس الوزراء ومعه رئيس ما يسمى بـ"لجنة الأجندة الوطنية" ماضيان في تجاهلهم لمطالب النقابيين وحقوقهم الديمقراطية !!
وبينما المطلوب وطنّيا هوجمعيّة تاسيسيّة منتخبة تضع دستوراَ ديمقراطيا للأردن بغية الحدّ من تغّول السلطة التنفيذية وتنظيم صلاحياتها وشروط عملها وانتخابها وحلّها بحيث تكون بيد الشعب صاحب القرار ومصدر السلطات إلا أن ما يجري هو العكس تماما، هجوم منظّّم بدءاً من رأس الحكم على المؤسسات المنتخبة من مجلس النواب - على علّاته، وبرغم أنه عند انتخابه قد اعتبرته الأوساط المراقبة حينها إنتصارا للقصر قد تم هندسته من قبل هذا الأخير على كافة المستويات من قانون الإنتخاب سيئ الصيت إلى أختيار توقيت الإنتخابات التي جرى تأخيرها عدة مرات لتتواءم مع مزاج منكسر تماما في الشارع الأردني بعد شهرين تقريباً من إحتلال بغداد وضمن مشاركة شعبية متدنية إنتخت بأفراز مجلس "مطواع". على سبيل المثال نجح أكثر من 56 نائب ممن هم ضباط متقاعدون من ذوي الرتب العالية - باع طويل ولاشك في مناهضة الحكم والدفاع عن حقوق المواطنين !! - برغم ذلك فمجلس النواب حاليّا وبالذات بعد خطاب الملك الأخير
"يتدارس هذا الخطاب" من موقف دفاعي متهافت وكأن مفروض من المجلس أن يكون موضع المسائلة وليس العكس. كذلك ويستمر الهجوم على باقي المؤسسات المنتخبة من نقابات مهنية وجمعيات واتحادات طلابية وتحت يافطة الديمقراطية
ويأتي لقاء بدران مع رؤساء النقابات المهنية في نفس السياق، حيث يفصّل الخبر في تتبع كليشيهاته التعبيريّة المقززة. فما المشكلة في أن تتعاطى أي مؤسسة أوهيئة منتخبة في السياسة؟! " بوجود فراغ" أو "بعدم وجود فراغ." قد نختلف مع رؤاها السياسية، نعم، لكن يبقى من حقها دوما إن لم يكن واجبها الوطني والمهني هو التعاطي في السياسة وتطوير آليات الحوار السياسي الديمقراطي داخل هيئاتها وتوفير مصادره وسبر تعقيداته المحليّة والأقليمية والدوليّة دوما. وخصوصا في ظرف الأردن والمنطقة العربية الحالي التي تتعرض لإعتداء متواصل من الدول الأمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميريكية وبات معروفا بقية الطاقم. إن مثال ما جرى في لبنان والعراق وغيره من الدول العربية يشير بوضوح إلى أن هذه الأجهزة الرسميّة من جيوش وغيره هي أول ما ينهار في حال أي إعتداء خارجي على الوطن - حتى من وجهة النظرالعملية، إذا ما افترضنا حسن النيّة، و بسبب مركزية هذه الأجهزة وهرميتها البيروقراطية فهي عرضة لأن تحصد في المراحل الأولى لأي عدوان خارجي إلا إذا ارتأى القائمون على هذا العدوان إمكانية الإستفادة منها أو أجنحة منها وتوظيفها لخدمة عدوانهم والأمثلة فيي التاريخ وافرة بهذا الخصوص - وأنه فقط الشعب الواعي سياسيا وانسانيّا و القادر على تنظيم نفسه هو القادر على خلق آليات المقاومة القابلة للتجدد والإستمرارية والنصر، إنه الضمانة الأهم على عدم الإعتداء بالأساس .
المهم أن هذه اللغة مع النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والإستقواء عليها هي ذات اللغة العرفية التي لازمت السلطة وأجهزتها منذ تأسيسها وإن مطعّمة أحياناً بنوع من المخاجلة والأبوية والمحاياة والذي مِنٌّه! بينما المتلقي متيقن قساوة ولؤم هذه الطلاوة العاجزة عن أخذ مداها التدميري الإجرامي على نحو سافر كمثيلاتها في المنطقة لدواعي عديدة أهمها أزمة شرعيّة تكوينها كمؤسسة اسسها وكان يقودها ضباط بريطانيون على رأسهم كلوب باشا كما لخّص ذلك المؤسس توفيق أبو الهدى في معرض تعليقه على طبيعة القمع والأجهزة القمعية في الأردن.
إن على النقابات المهنية ان تتنبه من جهتها إلى خطورة وجديّة هذه الهجمة على مكتسباتها وتفتح المجال امام تفاعل مختلف اطياف الهيئة العامة ومؤسسات المجتمع المدني وكل الشرفاء في الأردن وتكاتفهم في النضال ضدها
ويبقى إن الجهات التي تغدق في مديح الأجهزة على ما قامت به من القاء القبض على مطلقي الكاتيوشا على الفرقاطة الحربية الأميريكية الراسية في ميناء العقبة هم في الحقيقة يلفون الأنشوطة ليس فقط حول عنق الحقيقة بل أيضا حول اعناقهم وحول عنق هامش الحريات المتاح لهم الآن وفي المستقبل، لماذا لم يسألوا الحكم وأجهزته ماذا كانت تفعل هذه الفرقاطة في مياه الأردن؟! وما طبيعة التعاون العسكري القائم بين الحكم في الأردن وأجهزته والإدارة الأميريكية قبل وبعد عدوانها على العراق والذي هو بمثابة الأرهاب الأشد فتكا في المنطقة والعالم ويترك الأبرياء في الأردن فريسة حتمية لمحاولات باتت تتكرر بوتيرة مشهودة حيث لامجال لمجابهتها بحلول امنية أو حتي سياسية بل المطلوب تغييرات سياسية اجتماعية جذرية تفتح نافذة حقيقية على الممكن هنا وفي هذا الزمان
================================
عمان 25 اب / بترا
اكد رئيس الوزراء الدكتور عدنان بدران ان الحكومة ملتزمة باجراء مشاورات شفافة مع جميع المعنيين بمشروع قانون النقابات المهنية وخاصة الجسم النقابي لضمان خروج القانون بتوافق وطني
وطلب رئيس الوزراء من رؤساء النقابات المهنية خلال لقائه بهم اليوم في رئاسة الوزراء بحضور نائبي رئيس الوزراء الدكتور مروان المعشر وهشام التل تزويده بملاحظاتهم وتحفظاتهم على مشروع القانون ليتم ارسالها الى رئيس مجلس النواب ومن ثم الى اللجنة القانونية التي تدرس مشروع القانون بعد ان ازالت الحكومة عنه صفة الاستعجال
ودعا الدكتور بدران النقابات المهنية الى العمل على رفع سوية المهنة وتعزيز المكتسبات التي تحققت لمنتسبيها مشيرا الى ان النقابات انشغلت في مرحلة معينة من تاريخ الاردن بالعمل السياسي نظرا لوجود فراغ سياسي نجم عن غياب الاحزاب الاردنية عن الساحة
واعاد الدكتور بدران التاكيد على ايمان الحكومة باهمية الحوار والتواصل مع السطة التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني لتبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا الوطنية والمحافظة على ادامة جسور الثقة باعتبار اننا جميعا نعمل وفق اجندة واحدة هي اجندة الوطن والمواطن مشددا على التعاون الوثيق الذي يميز علاقة الحكومة بمجلس النواب خلافا لما تنشره بعض الصحف بنوع من المبالغة حول وجود حالة من الشد بين السلطتين
وجدد رئيس الوزراء التزام الحكومة بتعزيز الحريات العامة والديمقراطية والتعددية السياسية ورفع سقف الحريات الصحفية واحترام المواطن والتفاعل مع نبض الشارع مؤكدا ان التحديات التي تواجه الوطن تتطلب منا جميعا الوقوف صفا واحدا لمواجهتها
كما اكد الدكتور بدران على ان الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني نجح بافشال مخطط الوطن البديل حيث اصبحت حدودنا مثبتة ومعترف بها دوليا مشددا على ان الحكومة متنبهة لكل ما يجري سواء على الساحة المحلية او على صعيد التطورات الاقليمية
من جانبه اكد نائب رئيس الوزراء الدكتور مروان المعشر /رئيس لجنة الاجندة الوطنية ان مخرجات هذه اللجنة سيتم عرضها على الجميع لابداء الملاحظات حولها. وشدد نائب رئيس الوزراء وزير التنمية السياسية هشام التل على ان الحكومة ليس لديها مشكلة مع النقابات المهنية وهي حريصة على استمرارية التعاون معها لرفع مستوى المهنة .
من جانبهم عبر رؤساء النقابات المهنية عن ادانتهم للعملية الارهابية التي وقعت في مدينة العقبة مؤكدين ان هذه الجريمة هي اعتداء سافر على امن واستقرار الوطن الذي هو خط احمر لا يجوز السماح لاحد بالتجاوز عليه معربين عن شكرهم للاجهزة الامنية لدورها في القاء القبض على المجرمين. كما تقدموا بملاحظاتهم حول الهم العام والقضايا المحلية والقومية داعين الى سحب مشروع قانون النقابات المهنية ووقف التدخلات في نشاطات النقابات وتحويل النقابيين العاملين في القطاع العام من التقاعد المدني الى الضمان الاجتماعي. كما طالبوا بتوسيع مشاركة النقابات في مجالس الادارات وفي وضع الخطط الدراسية لبعض التخصصات الجامعية ذات الصلة بعمل هذه النقابات داعين الى تخصيص مساحات اوسع لمؤسسات المجتمع المدني في مؤسسات الاعلام الرسمي فضلا عن تعزيز الجهود لاطلاق سراح المعتقلين والسجناء الاردنيين في اسرائيل والدول العربية والاجنبية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق