اطل النواب علينا برفضهم لتعديل قانون العمل. التعديل الذي يقضي بالسماح للعمال الاجانب الانتساب للنقابات العمالية الاردنية. لقد رفض النواب القرار بحجة واهية اسمها "الاعتداء على السيادة." اولا، ومن وجهة نظري فالنقص في التعديل المطروح من الحكومة انه تحدث فقط عن الانتساب لكن لم يعطي غير الاردنيين حق تشكيل النقابات اوالترشح لرئاستها وهذا نقص خطير ايضا والتفاف على الحريات النقابية من وجهة نظري.
اما فيما يخص موقف النواب، فهو موقف مخزي ويعبر عن انحياز النواب الطبقي الجشع لصالح اصحاب العمل والرأسمال. إن الخطر على السيادة لا ياتي من العمالة الوافدة بل ممن استملك مقدرات البلد ومواردة وثرواته الاساسية بتراب المصاري، بعد ان دفع ثمنها شعبنا وبمساعدة وتبرعات وتضامن الشعوب المجاورة والصديقة معنا. لقد تم التفريط في كل عناصر السيادة تحت اعين النواب وبموافقتهم - باستثناءات محدودة من بين صفوف النواب - عندما هلهلوا وبصموا على مئات القوانين التي طرحتها عليهم الحكومة فيما يخص التخاصية وفرض النهج النيوليبرالي الذي يعاني المواطينين جمعيا تحت وطأته، بالمقابل يصهلل من باع وقبض وخان الوطن وسيادتة وقد زادت ثرواته بغير حساب في العشرين سنة الاخيرة.
الاخطر ان رفضهم لهذا التعديل، والذي هو بحد ذاته تعديل مجزوء وابتر كما ذكرت، ولا يعطي العمال حقهم سواء مواطينين ام غير مجنسين. إنه يفتح الباب على سهولة استبدال العامل الاردني بالاجنبي المجرد من حقوقه ومن آليات الدفاع عن لقمة عيش كريمة. وهذا سوف يضرب الجسم العمالي في الاردن وكفاحيته، وسيفتح المجال لاصحاب العمل ان يستوردوا العمالة الاجنبية ويعاملوها اسوأ معاملة إذ انها بدون قدرة مقاومة. بينما العامل المواطن في الاردن محشور في الزاوية مطأطئ الرأس إذ انه قابل للاستبدال بأي لحظة.
إن هذا لتطور خطير، وعلى الطبقة العاملة ومؤسساتها ان تقاومه لاسباب تمسها مباشرة ناهيك عن الاسباب الانسانية والاخلاقية. يجب ان يعمم على العمال الاجانب ونقابتهم في بلدهم الام خطورة هذا القانون وتبعاته عليهم وخصوصا ان غالبيتهم تعرضت وتتعرض لسؤ المعاملة في الاردن ولضروف عمل غير انسانية بحسب ما تكشف التقارير العالمية. على النقابات في الاردن العمل على حملة محلية للتوعية وعالمية للتنديد بهذا الرفض وقصور القانون المفروض من الحكومة. والدفع باتجاه قانون عمالي تقدمي وديمقراطي يستوعب التطورات في مجال العمل ضمن ظروف العولمة الحالية ويستجلي تبعاتها.
إن نضال العمال هو الضمانة شبه الوحيدة الباقية والتي يحصل منها الوطن ولو على جزء بسيط من ثرواته والاموال المدورة فيه. إن معاشاتهم اموال تصرف وتبقى في البلد وهي ليست للبذخ وبالكاد للعيش. اما ارباح ارباب العمل فهي "داخلة خارجة" بدون رقيب اوحسيب ومعظمها يطارد فرص الاستثمار في الداخل لكن معظم الاحيان في الخارج. إن ما ينتزعه العمال من اجور وزيادات من خلال نضالهم وتضامنهم ضد جشع ارباب العمل في الاردن لهو الوسيلة الوحيدة تقريبا التي تمص البلد فيها اصبعها مما تملك وتعمل ومما يحكى فيها عن معدلات نمو وارباح، إذ ان الحكومة قدهيكلة ضريبة الدخل والضرائب الاخرى المفروضة على الاستثمار بحيث باتت لا تجلب لخزينة الدولة، وعلى نحو ما للبلد ككل، اي شئ يذكر.
من جهة اخرى، فهل يقبل اصحاب هذا القرار ان يعامل الاردنيين العاملين في الخارج على هذا النحو الفض. خصوصا وان عوائد المغتربين الاردنيين في الخارج هي من اكبر مدخولات الخزينة الاردنية ومن اعلى النسب في العالم بالنسبة لاجمالي الدخل القومي. فهل يقبل البرلمان ان يخضع مواطنينا للتمييز في الخارج؟ ان يحرموا من حقهم في التنظيم والدفاع عن لقمة عيشهم؟
والحقيقة التي يعرفها الجميع، ان برلمانا كان متوسط تكلفة المقعد الانتخابي فيه خلال الحملة الانتخابية الاخيرة تتجاوز المليون دينار لا يمكن الا وينحاز لصالح الاغنياء، لصالح اصحاب العمل، الرأسماليين، من اجل ضرب تضامن الطبقة العاملة في الاردن وكسر شوكتها. أن رفض النواب لهذا التعديل اعلاه تحت هذه المسميات يكشف المحتوى الطبقي الجشع لتشكيلة البرلمان الحالي، وانحيازهم التام ضد مصالح شعبهم ومن هم في اشد الحاجة للعون التضامن.
يجب المطالبة بنقاش عام وعمالي للتعديلات على القانون اولا واخيرا ومن كل العمال في الاردن على ان يتوفر لهم ويترجم بلغاتهم للمشاركة من قبلهم ومن قبل ممثليهم في النقاش، سواء في الاردن اومن قبل نقاباتهم في بلادهم التي جاؤوا منها. وعلى التعديلات ان تكفل الحق بالتنظيم النقابي لكافة العمال مواطينين واجانب بما في ذلك حق تشكيل النقابات والترشيح للمناصب العمالية النقابية وعلى كافة المستويات وعلى قدم المساواة.
وسأعود للموضوع قريبا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق